٥ - (ومنها): ما قال التوربشتيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- تعالى: إن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أشار في ضرب هذا المثل إلى معان لا يَهتدِي إليها إلا من أُيِّدَ بالتوفيق:
فمنها أنه ضرب المثل بما تنبته الأرض، ويُخرجه الشجر للمشابهة التي بينها وبين الأعمال، فإنها من ثمرات النفوس، والمثل وإن ضُرب للمؤمن نفسِهِ، فإن العبرة فيه بالعمل الذي يصدر منه؛ لأن الأعمال هي الكاشفة عن حقيقة الحال.
ومنها: أنه ضرب مثل المؤمن بالأترجّة والتمرة، وهما مما يُخرجه الشجر، وضرب مثل المنافق بما تنبته الأرض؛ تنبيهًا على علو شأن المؤمن، وارتفاع عمله، ودوام ذلك وبقائه ما لم تيبس الشجرة، وتوقيفًا على ضَعَة شأن المنافق، وإحباط عمله، وقلّة جدواه، وسقوط منزلته.
ومنها: أن الأشجار المثمرة لا تخلو عمن يغرسها، فيسقيها، ويُصلح أودها، ويربيها، وكذلك المؤمن يقيّض له من يؤدّبه، ويُعلّمه، ويُهذّبه، ويلُمّ شَعْثه، ويسوّيه، ولا كذلك الحنظلة المهملة المتروكة بالعراء، والمنافق الذي وُكِلَ إلى شيطانه وطبعه وهواه (١)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:
١ - (هَدَّابُ بْنُ خَالِدِ) بن الأسود القيسيّ، أبو خالد البصريّ، ويقال له: هُدْبة، ثقةٌ عابدٌ، تفرّد النسائيّ بتليينه، من صغار [٩] مات سنة بضع (٢٣٠)(خ م د) تقدم في "الإيمان" ١١/ ١٥١.