للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الحاذق: الكاملُ الحفظِ الذي لا يَتَوَقَّف، ولا تَشُقّ عليه القراءة بجودة حفظه، وإتقانه. انتهى.

(مَعَ السَّفَرَةِ) بفتحات: جمع سافر ككاتب وكتبة، قال في "الخلاصة":

. . . . . . . . . . . . . … وَشَاعَ نَحْوُ كَامِلٍ وَكَمَلَهْ

والسافر: الرسول، والسَّفَرَةُ: الرُّسُلُ؛ لأنهم يَسْفِرُون إلى الناس برسالات اللَّه، وقيل: السَّفَرةُ: الكتبة، قاله النوويُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-.

وفعله من باب ضَرَبَ، يقال: سَفَرْتُ بين القوم سِفَارَةً بالكسر: إذا أصلحت بينهم.

وقال البخاريُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "صحيحه" في تفسير قوله تعالى: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ} [عبس: ١٥] الآية، ما حاصله: السَفَرةُ هم: الملائكة، واحدهم سافر، سَفَرْتُ: أصلحت بينهم، وجُعِلت الملائكة إذا نزلت بوحي اللَّه وتأديته، كالسفير الذي يُصْلِح بين القوم. انتهى.

قال في "الفتح": هو قول الفراء بلفظه، وزاد: قال الشاعر [من الوافر]:

وَمَا أَدَعُ السِّفَارَةَ بَيْنَ قَوْمِي … وَمَا أَمْشِي بِغَشٍّ إِنْ مَشَيْتُ

وقد تمسك به من قال: إن جميع الملائكة رسل اللَّه، وللعلماء في ذلك قولان، الصحيح أن فيهم الرسل وغير الرسل، وقد ثبت أن منهم الساجد فلا يقوم، والراكع فلا يعتدل. . . الحديث.

واحتج الأول بقوله تعالى: {جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا} الآية [فاطر: ١].

وأجيب بقول اللَّه تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} [الحج: ٧٥]. انتهى (١).

وقال القرطبي -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "السَّفَرَةُ": جمع سافر، وهم ملائكة الوحي، سُمُّوا بذلك؛ لأنهم يسفرون بين اللَّه وبين خلقه، وقيل: هم الملائكة، والكاتب يُسمَّى سافرًا، ومنه أسفار الكاتب، وعلى هذا فيكون وجهُ كونهم مع الملائكة أن حَمَلَة القرآن يُبلّغون كلام اللَّه تعالى إلى خلقه، فهم سُفَراءُ بين رُسُل اللَّه وبين خلقه، فهم معهم؛ أي: في مرتبتهم في هذه العبادة، ويستفيد من هذا حملة


(١) "الفتح" ٨/ ٥٦١.