للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

القرآن: التجوّز في التبليغ والتعليم والاجتهاد في تحصيل الصدق، وإخلاص النيّة للَّه تعالى حتى تصحّ لهم المناسبة بينهم وبين الملائكة. انتهى (١).

وقال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يَحْتَمِلُ أن يكون معنى كونه مع الملائكة أن له في الآخرة منازلَ، يكون فيها رفيقًا للملائكة السَّفَرَة؛ لاتصافه بصفتهم، من حمل كتاب اللَّه تعالى، قال: ويَحْتَمِلُ أن يراد أنه عامِلٌ بعملهم، وسالِكٌ مسلكهم. انتهى.

(الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ) بفتحات: جمع بارّ، وهم: المطيعون من الْبِرِّ، وهو الطاعة.

(وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ) أي: يتردّد في تلاوته؛ لضعف حفظه، والتعتعة في الكلام: هو الْعِيّ، وقوله: (وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ) جملة اسميّة في محلّ نصب على الحال من الفاعل؛ أي: والحال أن القرآن شاقّ وصَعْبٌ على القارئ (لَهُ أَجْرَانِ") أجر بالقراءة، وأجر بتتعتعه في تلاوته ومشقته، وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: إنما كان له أجران، من حيث التلاوة، ومن حيث المشقّة، ودرجات الماهر فوق ذلك كلّه؛ لأنه قد كان القرآن متعتعًا عليه، ثم تَرَقَّى عن ذلك إلى أن تشبّه بالملائكة، واللَّه تعالى أعلم. انتهى (٢).

وقال النوويّ: قال القاضي عياض وغيره من العلماء: ليس معناه أن الذي يتتعتع عليه له من الأجر أكثر من الماهر به، بل الماهر أفضل وأكثر أجرًا؛ لأنه مع السَّفَرَة، وله أجور كثيرة، ولم تُذكَر هذه المنزلة لغيره، وكيف يُلْحَق به من لم يَعْتَنِ بكتاب اللَّه تعالى، وحفظه، وإتقانه، وكثرة تلاوته، وروايته كاعتنائه حتى مَهَرَ فيه؛ واللَّه أعلم. انتهى.

[تنبيه]: وقع هذا الحديث عند البخاريّ بلفظ: "مثل الذي يقرأ القرآن، وهو حافظ له مع السَّفَرَة الكرام البررة، ومثل الذي يقرأ، وهو يتعاهده، وهو عليه شديد، فله أجران". انتهى.

قال في "الفتح": قوله: "مَثَلُ" -بفتحتين- أي: صفته، وهو كقوله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ} [الرعد: ٣٥].


(١) "المفهم" ٢/ ٤٢٥.
(٢) "المفهم" ٢/ ٤٢٥.