للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يكون اللَّه تعالى أمر النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يقرأ على رجل من أمته، ولم يَنُصّ على أُبَيّ، فأراد أُبَيّ أن يتحَقَّق، هل نَصّ عليه، أو قال: على رجل؟ فيؤخذ منه الاستثبات في المحتَمِلات.

٧ - (ومنها): أنه اختُلِف في الحكمة في قراءته -صلى اللَّه عليه وسلم- على أُبَيّ -رضي اللَّه عنه-، والمختار أن سببها أن تَسْتَنَّ الأمة بذلك في القراءة على أهل الإتقان والفضل، ويتعلموا آداب القراءة، ولا يَأْنَفَ أحدٌ من ذلك.

وقيل: للتنبيه على جلالة أُبَيّ -رضي اللَّه عنه-، وأهليته لأخذ القرآن عنه، وكان بعده -صلى اللَّه عليه وسلم- رأسًا، وإمامًا في إقراء القرآن، وهو أجلّ ناشرته، أو من أجلّهم، ويتضمن معجزة لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

٨ - (ومنها): ما قيل: إن تخصيص هذه السورة، فلأنها وَجِيزةٌ جامعةٌ لقواعد كثيرة من أصول الدين، وفروعه ومهماته، والإخلاص، وتطهير القلوب، وكان الوقت يقتضي الاختصار، قاله النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-.

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: خَصّ هذه السورة بالذكر؛ لما اشتملت عليه من التوحيد، والرسالة، والإخلاص، والصُّحُف، والكُتُب المنزلة على الأنبياء -عليهم السلام- وذكر الصلاة والزكاة والمعاد، وبيان أهل الجنة والنار مع وَجَازتها، ذكره في "الفتح" (١).

٩ - (ومنها): ما قاله القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: إنما قرأ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- على أُبيّ -رضي اللَّه عنه-؛ ليتلقّن عنه أُبيّ كيفيّة القراءة وصفتها مشافهةً، وليُبيّن طريق تحميل الشيخ للراوي بقراءته عليه، وفي قراءة عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه- قراءة التلميذ على الشيخ، وكلاهما طريق صحيحٌ. انتهى (٢)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[١٨٦٥] (. . .) - (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ


(١) "الفتح" ٧/ ١٥٩ "كتاب مناقب الأنصار" رقم (٣٨٠٩).
(٢) "المفهم" ٢/ ٤٢٦.