للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أخرجه الشيخان عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تُحْشَرُون حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا، ثم قرأ: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء: ١٠٤]، فأول من يُكْسَى إبراهيم، ثم يؤخذ برجال من أصحابي ذات اليمين، وذات الشمال، فأقول: أصحابي، فيقال: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم، فأقول كما قال العبد الصالح، عيسى ابن مريم: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [المائدة: ١١٧].

فهذا الحديث الصحيح المتّفق عليه يردّ على أثر ابن المسيّب المذكور؛ إذ هو نصّ في كونه -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يَعرف أعمال أمته بالتفصيل بعد موته.

وكذلك يردّه ما تقدّم من حديث فضالة الأنصاريّ -رضي اللَّه عنه-، ففيه قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا رب هذا شَهِدتُ على من بين أظهرهم، فكيف بمن لم أره؟ ".

وكذا ما أخرجه ابن جرير الطبريّ، بسنده عن جعفر بن عمرو بن حُرَيث، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه- قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "شهيد عليهم ما دمتُ فيهم، فإذا توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم" (١).

والحاصل أن عرض أعمال الأمة كلّها على النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد موته ليس عليه دليلٌ صحيح، إلا ما ورد من عرض الصلاة عليه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقد أخرج الطبرانيّ عن عمار بن ياسر -رضي اللَّه عنهما-، مرفوعًا: "إن للَّه تعالى ملكًا أعطاه سَمْعَ العباد، فليس من أحد يصلي عليّ، إلا أبلغنيها، وإني سألت ربي أن لا يصلي عليّ عبد صلاةً إلا صلى عليه عشر أمثالها" (٢)، وهو حديث حسنٌ.

وكذا ما أخرجه الإمام أحمد، وأبو داود بسند حسن، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ما من أحد يُسَلِّم عليّ إلا ردّ اللَّه عليّ روحي، حتى أردّ عليه السلام"، واللَّه تعالى أعلم.

(رَفَعْتُ رَأْسِي، أَوْ) للشكّ من الراوي (غَمَزَنِي رَجُلٌ إِلَى جَنْبِي) يَحْتَمل أن يكون من الغمز بمعنى الإشارة بالعين، وغيرها، ويَحْتَمل أن يكون من الغمز


(١) راجع: "تفسير ابن كثير" ١/ ٦٨٦.
(٢) حديث حسن، انظر حديث رقم (٢١٧٦) من "صحيح الجامع" للشيخ الألبانيِّ.