للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال في "المفهم": قال القاضي عياضٌ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: رويناه بسكون الراء وفتحها، قيل: هو الضياء والنور، قال القرطبيّ: والأشبه أن الشرق بالسكون بمعنى المشرق، يعني أن بين تلك الظلّتين السوداوين مشارق أنوار، وبالفتح هو الضياء نفسه، وإنما نبّه في هذا الحديث على هذا الضياء؛ لأنه لَمّا قال: سوداوان قد يُتَوَّهم أنهما مظلمتان، فنفى ذلك بقوله: "بينهما شرق"، أي مشارق أنوار، أو أنوار حسبما قرّرناه، ويعني بهما سوداوين، أي من كثافتهما التي بسببهما حالتا بين من تحتهما، وبين حرارة الشمس، وشدّة اللَّهَب. انتهى (١).

وقال في "الكاشف": قوله: "بينهما شرق": أي ضوء، وهو الشمس والشقّ أيضًا، وفي "الفائق": هو من قولهم: شاة شرقاء: أي بينهما فرجة وفصلٌ؛ لتميّزهما بالبسملة.

وقال التوربشتيّ: إنما وصفهما بالسواد؛ لكثافتهما، وارتكام بعضهما على بعض، وذلك أجدى ما يكون من الظلال في الأمر المطلوب عنهما، ثم بيّن -صلى اللَّه عليه وسلم- بقوله: "بينهما شرق" أنهما مع ارتكامهما وكثافتهما لا يستُران الضوء، ولا يمحوانه، فعلى هذا الأشبه أن لا يراد بالشرق الشقّ، ولأنه استغنى بقوله: "ظلّتان" عن بيان البينونة. انتهى (٢).

(أَوْ كَأَنَّهُمَا حِزْقَانِ) بكسر الحاء المهملة، وسكون الزاي: أي جماعة، قال في "القاموس": الْحِزْقُ والْحِزْقَةُ بكسرهما، والحازِقَة، والْحَزِيقُ، والْحَزِيقةُ، والْحَزَاقَةُ: الجماعة، والْحَزِيقةُ: الْحَدِيقةُ، والقِطْعة من كل شيء، جمعه: حَزَائق، وحَزِيقٌ، وحُزُقٌ. انتهى (٣).

فهو بمعنى قوله في الحديث الماضي: "فِرْقَان".

وقوله: (مِنْ طَيْرٍ) بيان لـ "حِزْقان" (صَوَافَّ) جمع صافّة: أي باسطات أجنحتهنّ متلاصقات بعضها ببعض، كما كانت تظلّ سليمان عليه السلام (تُحَاجَّانِ عَنْ


(١) "المفهم" ٢/ ٤٣٣.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ٥/ ١٦٤٢ - ١٦٤٣.
(٣) "القاموس" ٣/ ٢٢١.