للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثوابُهما ثوابَ القرآن، وقيل: يُصوّر القرآن صورة تجيء يوم القيامة بحيث يراها الناس كما تُصوّر أعمال العباد خيرها وشرّها صورةً توضع في الميزان، ومثل ذلك يجب اعتقاده إيمانًا، فإن العقل يعجَزُ عن أمثاله. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: القول الثاني هو الصواب، وأما القول بأن الذي يأتي هو ثواب القرآن، فقدّمنا ضعفه، فلا تغفل، واللَّه تعالى وليّ التوفيق.

(سُورَةُ الْبَقَرَةِ، وَآلِ عِمْرَانَ") بالجرّ عطفًا على "البقرةِ وقيل: بالرفع عطفًا على "سورةُ" (وَضَرَبَ لَهُمَا) أي للسورتين (رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- ثَلَاثَةَ أَمْثَالٍ) قال القرطبيُّ: هذا يدلّ على أن "أو" ليست للشكّ؛ لأنه مثّل السورتين بالأمثال الثلاثة، فيَحْتَمِل أن يكون بمعنى الواو كما يقول به الكوفيّون، وأنشدوا عليه قوله [من البسيط]:

نَالْ الْخِلَافَةَ أَوْ كَانَتْ لَهُ قَدَرًا … كَمَا أَتَى رَبَّهُ مُوسَى عَلَى قَدَرِ

وقوله [من الطويل]:

وَقَدْ زَعَمَتْ لَيْلَى بِأَنِّيَ فَاجِرٌ … لِنْفْسِي تُقَاهَا أَوْ عَلَيْهَا فُجُورُهَا

وحملوا عليه في قوله تعالى: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ} الآية [البقرة: ١٩].

وقال البصريّون: إنها بمعنى الإباحة، فكأنه قال: شَبّهُوهم بكذا وبكذا، وهذا الخلاف جارٍ في هذا الحديث؛ لأنها أمثالٌ معطوفة بـ "أو"، فهي مثل {أَوْ كَصَيِّبٍ}. انتهى (١).

(مَا) نافية (نَسِيتُهُنَّ) أي الأمثال الثلاثة (بَعْدُ) بالبناء على الضمّ؛ لقطعه عن الإضافة، ونيّة معناها، أي ما سمعت ضربه -صلى اللَّه عليه وسلم- لها، وقوله: (قَالَ) مبيّنًا لتلك الأمثال ("كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ) تثنية غَمَامة، كسحابة وزنًا ومعنى، أو هي البيضاء، جمعه غَمَامٌ، وغَمَائم (٢). (أَوْ ظُلَّتَانِ) بالضمّ: أي سحابتان (سَوْدَاوَانِ) تثنية سوداء، وُصِفتا بالسواد لكثافتهما، وتراكم بعضهما على بعض، وذلك أنفع من يكون من الظلال (بَيْنَهُمَا شَرْقٌ) -بفتح الشين المعجمة، وسكون الراء، بعدها قاف-، وقد روي بفتح الراء، والأول أشهر، كما قال النوويُّ، أي ضياء، ونور (٣).


(١) "المفهم" ٢/ ٤٣٢ - ٤٣٣.
(٢) راجع: "القاموس" ٤/ ١٥٧.
(٣) راجع: "شرح النووي" ٦/ ٩١.