للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال التوربشتيُّ: انتقاض الشيء صوت المحامل والرحال، وما أشبه ذلك، وحقيقة الانتقاض ليست الصوت، وإنما هي انتقاض الشيء في نفسه حتى يكون منه الصوت. انتهى (١).

(مِنْ فَوْقِهِ) متعلق بمحذوف صفةٍ لـ "نقيضًا"، أي كائنًا من فوقه، وفي رواية الحاكم: "من السماء"، أي من جهة السماء (فَرَفَعَ رَأْسَهُ) أي لينظر إلى سبب النقيض المسموع، وفي رواية النسائيّ: "فرفع جبريل عليه السلام بصره إلى السماء" (فَقَالَ: هَذَا) أي هذا الصوت (بَابٌ) أي صوت باب (مِنَ السَّمَاءِ) أي من سماء الدنيا (فُتِحَ الْيَوْمَ) بالبناء للمفعول، أي الآن، والجملة في محل رفع صفة لـ "باب" (لَمْ يُفْتَحْ) وفي نسخة: "ولم يُفتح" (قَطُّ) أي في الزمان الماضي، وفيها لغات، يقال: ما رأيته قَطُّ -بفتح القاف، وضمها، وضم الطاء المشددة، ويخففان-، وقَطٍّ -بفتح القاف، وكسر الطاء المشددة-: بمعنى الدهر، مخصوص بالماضي، أي فيما مضى من الزمان، أو فيما انقطع من عمري. أفاده في "القاموس"، وقد نظم شيخنا عبد الباسط بن محمد البُورَنِيّ الْمِنَاسِيُّ هذه اللغات، فقال:

وَخَمْسَةً جَعَلَ مَنْ قَطُّ ضَبَطْ … قَطُّ وَقُطُّ قَطِّ ثُمَّ قُطُ قَطْ

(إِلَّا الْيَوْمَ، فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ) أي نزل من ذلك الباب الذي لم يُفتح قبل ذلك الوقت ملك، وقال في "المرعاة": هذا من قول الراوي في حكايته لحال سمعه من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو بلغه عنه. انتهى (٢). (فَقَالَ) جبريل عليه السلام (هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ، لَمْ يَنْزِلْ) وفي نسخة: "ولم يَنْزِل" (قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ) هذا يدلّ على أنه نزل بالفاتحة وخواتيم سورة البقرة ملك غير جبريل عليه السلام، وقيل: إن جبريل نزل قبل هذا الملك معلّمًا، ومخبرًا بنزول الملك، فهو مشارك له في إنزالها، قاله في "المرعاة".

قال الجامع عفا اللَّه عنه: عندي الأوجه أن يقال: إن جبريل عليه السلام نزل بهما أوّلًا قبل ذلك، ثم نزل ذلك الملك في ذلك اليوم ثانيًا لبيان فضلهما، وثوابهما، واللَّه تعالى أعلم.


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٥/ ١٦٤٦.
(٢) "المرعاة" ٧/ ١٩٦.