بقول نافع حين حدثه أبو لبابة البدريّ، فإنه نسبه إلى شهود بدر، لا إلى نزولها.
وقد اختار أبو عبيد القاسم بن سلام أنه شهدها، ذكره البغويّ في "معجمه" عن عمه، عليّ بن عبد العزيز عنه، وبذلك جزم ابن الكلبيّ، ومسلم في "الكنى"، وقال الطبرانيّ، وأبو أحمد الحاكم: يقال: إنه شَهِدها، وقال الْبَرْقيّ: لم يذكره ابن إسحاق في البدريين، وفي غير هذا الحديث أنه شَهِدها. انتهى.
والقاعدة أن المثبت مقدَّم على النافي، وإنما رَجَّح من نَفَى شهوده بدرًا باعتقاده أن عمدة من أثبت ذلك وصفه بالبدريّ، وأن تلك نسبة إلى نزول بدر، لا إلى شهودها، لكن يُضَعِّف ذلك تصريح مَن صَرَّح منهم بأنه شَهِدها، كما في الحديث الذي أورده البخاريّ، وقال فيه:"فدخل عليه أبو مسعود عقبة بن عمرو الأنصاريّ، جدُّ زيد بن حسن، شَهِدَ بدرًا". انتهى كلام الحافظ ببعض تصرّف (١).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد تبيّن بما سبق أن الأرجح أن أبا مسعود -رضي اللَّه عنه- شهد غزوة بدر، فنُسب إليها، كما هو رأي البخاريّ ومسلم، وأبي عبيد القاسم بن سلّام، وابن الكلبيّ، ورجّحه الحافظ؛ لقوّة حجته، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.
لطائف هذا الإسناد:
١ - (منها): أنه من سُداسيّات المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
٢ - (ومنها): أن رجاله كلّهم رجال الجماعة.
٣ - (ومنها): أنه مسلسلٌ بالكوفيين من أوله إلى آخره.
٤ - (ومنها): أن فيه ثلاثةً من التابعين روى بعضهم عن بعض، عند من جعل منصورًا من صغار التابعين.
(١) راجع: "الفتح" ٧/ ٣٧٠ "كتاب المغازي" رقم (٤٠٠٧ و ٤٠٠٨).