علقمة بن قيس (فِي الْآيَتَيْنِ) أي فضلهما، وفضل قراءتهما، وقوله:(فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ؟) متعلّق بصفة لـ "الآيتين"، أو بحال منهما (فَقَالَ) أبو مسعود -رضي اللَّه عنه- (نَعَمْ) أي ما بلغك عنّي صحيح، ثم بيّن له الحديث بقوله: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ) يعني من قوله تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ} إلى آخر السورة، وآخر الآية الأولى {الْمَصِيرُ} ومن ثم إلى آخر السورة آية واحدة، وأما {مَا كَسَبَتْ} فليست رأس آية باتّفاق العادّين.
فقوله: "الآيتان" مبتدأ أول، وقوله: "من آخر سورة البقرة" متعلّق بصفة له، أي الكائنتان من آخرها، وقوله:(مَنْ قَرَأَهُمَا) "من" مبتدأ ثانٍ، (فِي لَيْلَةٍ) متعلّق بـ "قرأ"، وقوله: (كَفَتَاهُ") بتخفيف الفاء: أي أغنتاه، خبر المبتدأ الثاني، والجملة خبر الأول، ويَحْتَمِل أن يكون "من قرأهما" من "الآيتان".
ووقع في رواية للبخاريّ بلفظ:"من قرأ بهما" قيل: هذه الباء زائدة، وقيل: ضُمّن الفعل معنى التبرّك، فعُدّي بالباء، وعلى هذا تقول: قرأت بالسورة، ولا تقول: قرأت بكتابك؛ لفوات معنى التبرّك، قاله السهيلي (١).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: تقدّم عن "المصباح" أن قرأ يعدى بنفسه، وبالباء، فلا حاجة إلى دعوى التضمين، فتنبّه، واللَّه تعالى أعلى أعلم.
وأخرج عليّ بن سعيد العسكريّ في "ثواب القرآن" حديث الباب، من طريق عاصم بن بَهْدَلة، عن زِرّ بن حُبَيش، عن علقمة بن قيس، عن عقبة بن عمرو، بلفظ:"من قرأهما بعد العشاء الآخرة، أجزأتا، {آمَنَ الرَّسُولُ} إلى آخر السورة".
ومن حديث النعمان بن بشير -رضي اللَّه عنهما- رفعه:"إن اللَّه كتب كتابًا أنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة" وقال في آخره: {آمَنَ الرَّسُولُ}، وأصله عند الترمذيّ، والنسائيّ، وصححه ابن حبان، والحاكم. ولأبي عبيد في "فضائل القرآن" من مرسل جُبير بن نُفير نحوه، وزاد:"فاقرءوهما، وعَلِّمُوهما أبناءكم ونساءكم، فإنهما قرآن وصلاة ودعاء".