للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[تنبيه]: اختُلِف في المراد بقوله: "كفتاه"، فقيل: أجزأتا عنه من قيام الليل بالقرآن، وقيل: أجزأتا عنه عن قراءة القرآن مطلقًا، سواء كان داخل الصلاة أم خارجها، وقيل: معناه أجزأتاه فيما يتعلق بالاعتقاد؛ لما اشتملتا عليه من الإيمان، والأعمال إجمالًا، وقيل: معناه كفتاه كلَّ سوء، وقيل: كفتاه شرّ الشياطين، وقيل: دفعتا عنه شرّ الثقلين: الإنس والجنّ، وقيل: معناه كفاه ما حَصَلَ له بسببهما من الثواب عن طلب شيء آخر، وكأنهما اختَصَّتا بذلك لما تضمنتاه من الثناء على الصحابة بجميل انقيادهم إلى اللَّه، وابتهالهم، ورجوعهم إليه، وما حَصل لهم من الإجابة إلى مطلوبهم.

قال في "الفتح": ذَكَرَ الكرمانيّ عن النوويّ أنه قال: كفتاه عن قراءة "سورة الكهف"، و"آية الكرسي"، كذا نقل عنه جازمًا به، ولم يقل ذلك النوويّ، وإنما قال ما نصه: قيل: معناه كفتاه من قيام الليل، وقيل: من الشيطان، وقيل: من الآفات، ويَحْتَمِل من الجميع، هذا آخر كلامه، وكأن سبب الوهم أن عند النوويّ عقب هذا "باب فضل سورة الكهف"، و"آية الكرسي"، فلعل النسخة التي وقعت للكرمانيّ سقط منها لفظ "باب" وصُحِّفت "فضل"، فصارت: وقيل، واقتصر النوويّ في "الأذكار" على الأول، والثالث نقلًا، ثم قال: قلت: ويجوز أن يراد الأوّلان. انتهى.

وعلى هذا فأقول: يجوز أن يراد جميع ما تقدم، واللَّه أعلم، والوجه الأول وَرَدَ صريحًا من طريق عاصم، عن علقمة، عن أبي مسعود -رضي اللَّه عنه- رفعه: "من قرأ خاتمة البقرة أجزأت عنه قيام ليلة".

ويؤيد الرابع حديث النعمان بن بشير -رضي اللَّه عنه- رفعه: "إن اللَّه كتب كتابًا، وأنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة، لا يُقرآن في دار، فيقرَبَها الشيطان ثلاث ليال"، أخرجه الحاكم، وصححه.

وفي حديث معاذ -رضي اللَّه عنه- لما أمسك الجنيّ: "وآية ذلك لا يقرأ أحد منكم خاتمة سورة البقرة، فيدخل أحد منها بيته تلك الليلة"، أخرجه الحاكم أيضًا. انتهى (١).


(١) راجع: "الفتح" ٨/ ٦٧٢ - ٦٧٣ "كتاب فضائل القرآن" رقم (٥٠٠٨ - ٥٠٠٩).