للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: "أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ فِي لَيْلَةٍ ثُلُثَ الْقُرْآنِ؟ " قَالُوا: وَكَيْفَ يَقْرَأْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ؟ قَالَ: " {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ").

رجال هذا الإسناد: ثمانية:

وكلّهم تقدّموا في الباب الماضي، وكذا لطائف الإسناد.

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ) عُويمر بن زيد بن قيس -رضي اللَّه عنه-، وقد سبق الخلاف في اسمه واسم أبيه في الباب الماضي (عَنِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-) أنه (قَالَ: "أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ) بكسر الجيم، ويقال: بفتحها، قال في "القاموس": عَجِزَ، كضَرَبَ، وسَمِعَ (١)، وذكر في "المصباح" أنه من باب ضرب، ثم ذكر أنه كونه من باب تَعِبَ لغة لبعض قَيْس عَيلان، وهذه اللغة غير معروفة عندهم، وذكر عن ابن الأعرابيّ أنه لا يقال: عَجِزَ الإنسان بالكسر إلا إذا عَظُمت عَجِيزته (٢).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد تبيّن بما ذُكر أن الأفصح هنا كسر الجيم، لا فتحها، واللَّه تعالى أعلم.

والهمزة فيه للاستفهام الاستخباريّ (أَنْ يَقْرَأَ فِي لَيْلَةٍ ثُلُثَ الْقُرْآنِ؟ " قَالُوا) أي الصحابة الحاضرون لهذا الخطاب (وَكَيْفَ يَقْرَأْ) أي أحدنا (ثُلُثَ الْقُرْآنِ؟) أي لأنه صعب على الدوام عادةً، وفي حديث أبي سعيد الخدريّ -رضي اللَّه عنه- عند البخاريّ: "فَشَقّ ذلك عليهم، وقالوا: أيّنا يُطيق ذلك يا رسول اللَّه؟ " (قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- (" {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)}) أي إلى آخر السورة، أو {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} اسم للسورة (تَعْدِلُ) بكسر الدال، يقال: عَدَلهُ، كضربه، وعادله: إذا وازنه وساواه، وأنّثه باعتبار السورة، ويجوز التذكير باعتبار الكلام، فـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} مبتدأ محكيّ؛ لقصد لفظه، وخبره قوله: (ثُلُثَ الْقُرْآنِ") و"الثلث" بضمتين، ويجوز تسكين اللام، قال الفيّوميُّ: "الثلُثُ": جزءٌ من ثلاثة أجزاء، وتُضمّ اللام للإتباع، وتُسكّن، والجمع أَثْلاث، مثلُ عُنُق وأعناق،


(١) راجع: "القاموس" ٢/ ١٨٠.
(٢) راجع: "المصباح" ٢/ ٣٩٣.