وفي رواية سعيد بن أبي عروبة، وأبان العطّار كلاهما عن قتادة:"إن اللَّه جزّأ القرآن ثلاثة أجزاء، فجعل {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} جزءًا من أجزاء القرآن".
[تنبيه]: ظاهر حديث الباب يدلّ على أنه يحصل لمن قرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} من الثواب مثلُ ثواب من قرأ ثلث القرآن، وأصرح منه حديث أبي أيوب عند أحمد والترمذيّ بلفظ:"من قرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)}، فقد قرأ ثلث القرآن"، وحديث أُبَيّ بن كعب -رضي اللَّه عنه- عند أبي عُبيد:"من قرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)}، فكأنما قرأ ثلث القرآن"، فكلٌّ منهما صريح في أن قراءة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} تعدل ثلث القرآن.
وكذا يدلّ عليه حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- الآتي عند المصنّف:"احشدوا، فسأقرأ عليكم ثلث القرآن"، وفيه: فخرج عليهم، فقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، ثم قال:"أَلَا إنها تعدل ثلث القرآن".
فقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: " {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} تعدل ثلث القرآن" يُحْمَل على أن قراءتها تعدل قراءة ثلث القرآن، ويحصُل لقارئها ثواب من قرأ ثلث القرآن، فالروايات يفسّر بعضها بعضًا، فيكون من قرأها ثلاثًا كمن قرأ ختمةً كاملةً، وللَّه عزَّ وجلَّ أن يُجازي عبده على اليسير بأفضل مما يُجازي به على الكثير. وبالجملة فالواجب علينا أن نقول بما ثبت عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا نستشكل ما صحّ عنه، ولا نقول: كيف؟، ولا لِمَ؟، بل نكل ما جَهِلنا وجهه وتعليله إلى العالم الخبير، {وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ}[فاطر: ١٤].
قال الشوكانيُّ: قد عُلِّلَ كونها تعدل ثلث القرآن بعلل ضعيفة واهية، والأحسن أن يقال: إن ذلك لسرّ لم نطّلع عليه، وليس لنا الكشف عن وجهه. انتهى، وهو نفيسٌ جدًّا، وسيأتي تمام البحث في هذا في المسألة الرابعة -إن