للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ليس فوقه من يمنعه كالوالد، ولا من يساويه في ذلك كالكفء، ولا من يعينه على ذلك كالولد.

٢ - (ومنها): أن فيه إلقاءَ العالم المسائل على أصحابه، وإن لم يبدءوه بسؤالها؛ لأهمّيّتها، وحاجتهم إليها.

٣ - (ومنها): جواز استعمال اللفظ في غير ما يَتبادَر للفهم؛ لأن المتبادِر من إطلاق ثلث القرآن أن المراد ثلث حجمه المكتوب مثلًا، وقد ظهر أن ذلك غير مراد هنا.

٤ - (ومنها): بيان ما كان عليه النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في شدّة اهتمامه في تعليم أصحابه ما ينفعهم، وإن لم يسألوه، فهو مصداق قوله عزَّ وجلَّ: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٢٨)}، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في المعنى المراد بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنها ثلث القرآن":

(اعلم): أنهم اختلفوا في ذلك، فحمله بعضهم على ظاهره، فقال: هي ثلث باعتبار معاني القرآن؛ لأنه أحكام، وأخبار، وتوحيد، وقد اشتَمَلت هي على القسم الثالث، فكانت ثلثًا بهذا الاعتبار.

ويُسْتَأنس لهذا بالحديث التالي: "إن اللَّه جزّأ القرآن ثلاثة أجزاء، فجعل {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} جزءًا من أجزاء القرآن".

وقال القرطبيُّ: اشتَمَلت هذه السورة على اسمين من أسماء اللَّه تعالى، يتضمنان جميع أصناف الكمال لم يوجدا في غيرها من السُّوَر، وهما "الأحد الصمد"؛ لأنهما يدلان على أحدية الذات المقدسة الموصوفة بجميع أوصاف الكمال.

وبيان ذلك أن الأحد يُشْعِر بوجوده الخاص الذي لا يشاركه فيه غيره، والصمد يُشعر بجميع أوصاف الكمال؛ لأنه الذي انتهى إليه سؤدده، فكان مرجع الطلب منه وإليه، ولا يتم ذلك على وجه التحقيق إلا لمن حاز جميع خصال الكمال، وذلك لا يصلح إلا للَّه تعالى، فلَمّا اشتَمَلت هذه السورة على