للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

معرفة الذات المقدسة، كانت بالنسبة إلى تمام المعرفة بصفات الذات، وصفات الفعل ثلُثًا. انتهى.

وقال غيره: تضمنت هذه السورة توجيه الاعتقاد، وصدق المعرفة، وما يجب إثباته للَّه تعالى من الأحدية المنافية لمطلق الشركة، والصمدية المثبتة له جميع صفات الكمال الذي لا يلحقه نقص، ونفي الولد والوالد المقرِّر لكمال المعنى، ونفي الكفء المتضمِّن لنفي الشبيه والنظير، وهذه مجامع التوحيد الاعتقاديّ، ولذلك عادلت ثلث القرآن؛ لأن القرآن خبر وإنشاء، والانشاء أمر ونهي وإباحة، والخبر خبر عن الخالق، وخبر عن خلقه، فأخلصت سورة الإخلاص الخبر عن اللَّه، وخلَّصت قارئها من الشرك الاعتقاديّ.

ومنهم من حمل المثلية على تحصيل الثواب، فقال: معنى كونها ثلث القرآن أن ثواب قراءتها يُحَصِّل للقارئ مثل ثواب من قرأ ثلث القرآن، وقيل: مثله بغير تضعيف، وهي دعوى بغير دليل.

ويُؤَيِّد الإطلاق قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قل هو اللَّه أحد تعدل ثلث القرآن"، وقوله في حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-: "ألا إنها تعدل ثلث القرآن"، ولأبي عبيد من حديث أُبَيّ بن كعب -رضي اللَّه عنه-: "من قرأ قل هو اللَّه أحد فكأنما قرأ ثلث القرآن".

وإذا حُمِل ذلك على ظاهره، فهل ذلك لثلث من القرآن مُعَيَّن، أو لأي ثلث فُرِض منه؟ فيه نظرٌ، ويلزم على الثاني أن من قرأها ثلاثًا كان كمن قرأ ختمة كاملة.

وقيل: المراد مَنْ عَمِل بما تضمنته من الإخلاص والتوحيد، كان كمن قرأ ثلث القرآن.

وادَّعَى بعضهم أن قوله: "تَعْدِل ثلث القرآن" يختص بصاحب الواقعة؛ لأنه لَمّا ردَّدها في ليلته كان كمن قرأ ثلث القرآن بغير ترديد، قال القابسيّ: ولعل الرجل الذي جرى له ذلك لم يكن يحفظ غيرها، فلذلك استقَلَّ عمله، فقال له النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلك ترغيبًا له في عمل الخير، وإن قَلّ.

ولا يخفى ما في هذه الدعوى من البطلان، فتبصّر.

وقال ابن عبد البرّ: من لم يتأول هذا الحديث أخلص ممن أجاب فيه بالرأي. انتهى.