ذكر منها عدة أسماء في "سورة الحشر": {لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}[الحشر: ٢٤]، والأسماء المذكورة فيها بلغة العرب صفات، ففي إثبات أسمائه إثبات صفاته؛ لأنه إذا ثبت أنه حي مثلًا، فقد ثبت وصفه بصفة زائدة على الذات، وهي صفة الحياة، ولولا ذلك لوجب الاقتصار على ما ينبئ عن وجود الذات فقط، وقد قال سبحانه وتعالى: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٨٠)} [الصافات: ١٨٠] فنزّه نفسه عما يصفونه به من صفة النقص، ومفهومه أن وصفه بصفة الكمال مشروع.
وقد قسم البيهقي وجماعة من أئمة السنة جميعَ الأسماء المذكورة في القرآن، وفي الأحاديث الصحيحة على قسمين:
[أحدهما]: صفات ذاته، وهي ما استحقَّه فيما لم يزل، ولا يزال.
[والثاني]: صفات فعله، وهي ما استحقَّه فيما لا يزال دون الأزل. قال: ولا يجوز وصفه إلا بما دلّ عليه الكتاب والسنة الصحيحة الثابتة، أو أجْمِعَ عليه.
ثم منه ما اقترنت به دلالة العقل، كالحياة، والقدرة، والعلم، والإرادة، والسمع، والبصر، والكلام، من صفات ذاته، وكالخلق، والرزق، والإحياء، والإماتة، والعفو، والعقوبة، من صفات فعله.
ومنه ما ثبت بنص الكتاب والسنة، كالوجه، واليد، والعين، من صفات ذاته، وكالاستواء، والنزول، والمجيء من صفات فعله، فيجوز إثبات هذه الصفات له؛ لثبوت الخبر بها على وجه ينفي التشبيه، فصفة ذاته لم تزل موجودة بذاته، ولا تزال، وصفة فعله ثابتة عنه، ولا يحتاج في الفعل إلى مباشرة، {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢)} [يس: ٨٢].
وقال القرطبيُّ في "المفهم": اشتملت {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} [الإخلاص: ١] على اسمين يتضمنان جميع أوصاف الكمال، وهما: الأحد، والصمد، فإنهما يدلان على أحدية الذات المقدسة الموصوفة بجميع أوصاف الكمال، فإن الواحد والأحد -وإن رجعا إلى أصل واحد- فقد افترقا استعمالًا وعرفًا؛ فالوحدة راجعة إلى نفي التعدد والكثرة، والواحد أصل العدد من غير تعرض لنفي ما عداه، والأحد يثبت مدلوله، ويتعرض لنفي ما سواه، ولهذا يستعملونه في النفي، ويستعملون الواحد في الإثبات، ويقال: ما رأيت أحدًا،