قصده فصوّبه، قال: وفيه ما يُشْعِر بأن سورة الإخلاص مكية. انتهى.
٥ - (ومنها): أن فيه إثبات صفة المحبّة للَّه عزَّ وجلَّ على ما يليق بجلاله، وقد ذكر في "الفتح" اختلاف العلماء المتأخرين في معنى المحبة، أعرضت عن ذكرها هنا؛ لكونها أقوالًا مخالفة لما كان عليه السلف رحمهم اللَّه تعالى، من إثبات صفات اللَّه تعالى التي وصف بها نفسه في كتابه الكريم، أو وصفه بها رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- فيما صحَّ من أحاديثه، على ما جاءت به من غير تشبيه ولا تمثيل، ومن غير تحريف ولا تعطيل.
فالحق أن صفة المحبة ثابتة للَّه عزَّ وجلَّ على حقيقتها على الوجه الذي يليق بجلاله سبحانه، ولا يلزم من إثباتها له على هذا الوجه تشبيهه بمخلوقاته، تعالى اللَّه عن ذلك علوًّا كبيرًا، كما أنه لا يلزمنا ذلك حينما نثبت سائر صفات المولى سبحانه، كالسمع، والبصر، والكلام، والعلم، وسائر صفاته، سواءً بسواء، وكما لا يلزمنا أيضًا حينما نثبت له ذاته المقدسة، فإن إثبات الصفات فرع إثبات الذات، فافهم هذا وتحققه، فإنه مما زلَّت فيه أقدام كثير من المتأخرين ممن يشتغل بعلم الكلام، واللَّه تعالى الهادي إلى سواء السبيل، نسأل اللَّه تعالى أن يهدينا الصراط المستقيم، بمنّه وفضله العظيم، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): قال في "الفتح": وفي حديث الباب حجة لمن أثبت أن للَّه صفة، وهو قول الجمهور، وشذّ ابن حزم، فقال: هذه لفظة اصطَلَحَ عليها أهل الكلام من المعتزلة ومن تبعهم، ولم تثبت عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا عن أحد من الصحابة، فإن اعترضوا بحديث الباب، فهو من أفراد سعيد بن أبي هلال، وفيه ضعف، قال: وعلى تقدير صحته، فـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} [الإخلاص: ١] صفة الرحمن كما جاء في هذا الحديث، ولا يزاد عليه بخلاف الصفة التي يطلقونها، فإنها في لغة العرب لا تطلق إلا على جوهر أو عرض، كذا قال.
قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وسعيد مُتّفَقٌ على الاحتجاج به، فلا يُلتفت إليه في تضعيفه، وكلامه الأخير مردود باتفاق الجميع على إثبات الأسماء الحسنى، قال اللَّه تعالى:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}[الأعراف: ١٨٠]، وقال بعد أن