للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ) قال "الفتح": كذا للجميع، وكذا في سائر طُرُق الحديث، في المسانيد والجوامع، وذكر بعض الشُّرّاح أنه وقع عند الخطيب في "المبهمات": "سورة الأحزاب" بدل "الفرقان"، وهو غلط من النسخة التي وَقَفَ عليها، فإن الذي في كتاب الخطيب "الفرقان"، كما في رواية غيره (١). (عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَؤُهَا) أي على الوجه الذي أقرؤها به أنا، فـ "ما" موصولة (وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَقْرَأَنِيهَا) يعني أنه أخذ تلك السورة من في رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مباشرةً، ولم يأخذها بواسطة، ولهذا شدّد النكير عليه؛ لتأكّده من صحّة قراءة نفسه دون صاحبه (فَكِدْتُ أَنْ أَعْجَلَ عَلَيْهِ) وفي بعض النسخ: "أعجل عليه" بدون "أن"، وهو الغالب في الاستعمال.

ومعناه: قاربت أن آخذه بعَجَلَة، وأجُرّه في الصلاة، وكاد يَفْعَل كذا يكاد، من باب تَعِبَ: قارب الفعل، قال ابن الأنباري: قال اللغويون: كِدتُ أفعلُ: معناه عند العرب قاربت الفعل، ولم أفعل، وما كِدتُ أفعل: معناه فَعَلْتُ بعد إبطاء، قال الأزهري: وهو كذلك، وشاهده قوله تعالى: {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} [البقرة: ٧١]، معناه ذبحوها بعد إبطاء؛ لتعذر وِجْدان البقرة عليهم، وقد يكون "ما كدتُ أفعلُ" بمعنى ما قاربت.

وهي من الأفعال الناقصة التي ترفع الاسم، وتنصب الخبر، ويكون خبرها غالبًا فعلًا مضارعًا، ولا يقترن غالبًا بـ "أن"، كقوله تعالى: {وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} [البقرة: ٧١]، وإلى هذا أشار ابن مالك -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "الخلاصة" بقوله:

كَكَانَ كَادَ وَعَسَى لَكِنْ نَدَرْ … غَيْرُ مُضَارعٍ لِهَذَيْنِ خَبَرْ

وَكَوْنُهُ بِدُونِ أنْ بَعْدَ عَسَى … نَزْرٌ وَكَادَ الأَمْرُ فِيهِ عُكِسَا

ومن اقتران خبرها بـ "أن" قول الشاعر [الخفيف]:

كَادَتِ النَّفسُ أن تَفِيضَ عَلَيْهِ … إذْ غَدَا حَشْوَ رَيْطَةٍ وَبُرُودِ

وبعضهم خص اقترانه بالشعر، والصحيح الأول.

(شُمَّ أَمْهَلْتُهُ) أي تركته (حَتَّى انْصَرَفَ) أي سلّم من صلاته، وفي رواية البخاريّ: "فكدت أُساوره في الصلاة، فتصبّرت حتى سلّم" (ثُمَّ لَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ)


(١) "الفتح" ٨/ ٦٤١.