للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بفتح اللام، وموحّدتين الأولى مشدّدة، والثانية ساكنة: أي جعلت رداءه في عنقه، ثم جَرَرته، قال ابن منظور: ولَبَّبَ الرجلَ: جعل ثيابه في عنقه وصَدْرِهِ في الخصومة، ثم قبضه وجرّه، وأخذ بتلبيبه كذلك. انتهى.

وقال القرطبيُّ: "فلبّبته": أي جمعت ئوبه على حلقه، وأصله من اللبّة، وهي الثغرة التي في أسفل الحلق، وهذا من عمر -رضي اللَّه عنه- غَيْرةٌ على كتاب اللَّه تعالى، وقوّة في دينه. انتهى (١).

وقال في "الفتح": قوله: "فلببته بردائه": أي جمعت عليه ثيابه عند لَبَّته؛ لئلا يتفلت مني، وكان عمر -رضي اللَّه عنه- شديدًا في الأمر بالمعروف، وفَعَلَ ذلك عن اجتهاد منه؛ لظنه أن هشامًا خالف الصواب، ولهذا لم ينكر عليه النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، بل قال له: أرسله. انتهى (٢).

زاد في رواية البخاريّ: "فقلت: من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ؟ قال: أقرأنيها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقلت: كذبت، فإن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قد أقرأنيها على غير ما قرأتَ".

قال في "الفتح": قوله: فإن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قد أقرأنيها" هذا قاله عمر -رضي اللَّه عنه- استدلالًا على ما ذهب إليه من تخطئة هشام، وإنما ساغ له ذلك؛ لرسوخ قدمه في الإسلام وسابقته، بخلاف هشام، فإنه كان قريب العهد بالإسلام، فَخَشِي عمر من ذلك أن لا يكون أتقن القراءة، بخلاف نفسه، فإنه كان قد أتقن ما سَمِعَ، وكان سبب اختلاف قراءتهما أن عمر حفظ هذه السورة من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قديمًا، ثم لم يسمع ما نزل فيها بخلاف ما حفظه وشاهده، ولأن هشامًا من مسلمة الفتح، فكان النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أقرأه على ما نزل أخيرًا، فنشأ اختلافهما من ذلك، ومبادرةُ عمر للإنكار محمولةٌ على أنه لم يكن سمع حديث: "أُنْزِل القرآنُ على سبعة أحرف" إلا في هذه الوقعة. انتهى (٣).

(فَجِئْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا) يعني هشام بن حكيم (يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ، عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَأْتَنِيهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-:


(١) "المفهم" ٢/ ٤٤٧.
(٢) "الفتح" ٨/ ٦٤١.
(٣) "الفتح" ٨/ ٦٤١ - ٦٤٢.