كعب، فاختلفت قراءتهم، فبقراءة أيهم آخذ؟ فسكت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وعليّ إلى جنبه- فقال عليّ: ليقرأ كل إنسان منكم كما عُلِّمَ، فإنه حسن جميل".
ولابن حبان، والحاكم من حديث ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-: "أقرأني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سورة من آل حم، فَرُحتُ إلى المسجد، فقلت لرجل: اقرأها، فإذا هو يقرأ حروفًا ما أقرؤها، فقال: أقرأنيها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فانطلقنا إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأخبرناه، فتغير وجهه، وقال:"إنما أهلك من كان قبلكم الاختلاف"، ثم أسرّ إلى عليّ شيئًا، فقال علي: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يأمركم أن يقرأ كل رجل منكم كما عُلِّمَ، قال: فانطلقنا، وكلُّ رجل منّا يقرأ حروفًا، لا يقرؤها صاحبه".
وللبخاري في "صحيحه" عن عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه- أنه سمع رجلًا يقرأ آيةً، سمع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قرأ خلافها، قال: فأخذت بيده، فانطلقت به إلى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: "كلاكما محسن، فاقرآ"، قال شعبة: أكبر علمي قال: "فإن من كان قبلكم اختلفوا، فأهلكهم" (١)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في المراد بالأحرف السبعة:
قال العلامة أبو عبد اللَّه القرطبيُّ في مقدمة تفسيره:
قد اختَلَف العلماء في المراد بالأحرف السبعة على خمسة وثلاثين قولًا، ذكرها أبو حاتم محمد بن حبان البستيّ، نذكر منها في هذا الكتاب خمسة أقوال:
[الأول]: وهو الذي عليه أكثر أهل العلم، كسفيان بن عيينة، وعبد اللَّه بن وهب، والطبريّ، والطحاويّ، وغيرهم: أن المراد سبعة أوجه من المعاني المتقاربة بألفاظ مختلفة، نحو: أقْبِلْ، وتَعَالَ، وهَلُمَّ، قال الطحاويّ: وأبين ما ذكر في ذلك حديث أبي بكرة -رضي اللَّه عنه-، قال: "جاء جبريل إلى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: اقْرَأ على حرف؛ فقال ميكائيل: استزده، فقال: اقرأ على حرفين، فقال ميكائيل: استزده، حتى بلغ إلى سبعة أحرف؛ فقال: اقرأ، فكلٌّ شافٍ كافٍ، إلا أن تخلط آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب بآية رحمة"؛ على نحو
(١) راجع: "الفتح" ٨/ ٦٤٢ "كتاب فضائل القرآن" رقم (٤٩٩٢).