للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(إِلَى عَبْدِ اللَّهِ) بن مسعود -رضي اللَّه عنه- (فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ) كنية ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- (كَيْفَ تَقْرَأُ هَذَا الْحَرْفَ، أَلِفًا تَجِدُهُ أَمْ يَاءً {مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ}) [محمد: ١٥] أي: غير متغير الرائحة، يقال: أَسَنَ الماءُ أُسُونًا، من باب قَعَدَ، ويَأْسِنُ بالكسر أيضًا: تغيّر، فلم يُشرَب، فهو آسنٌ، على فاعلٍ، وأَسِنَ أَسَنًا، فهو أَسِنٌ، مثلُ تَعِبَ تَعَبًا، فهو تَعِبٌ لغةٌ، قاله الفيّوميُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).

وقال أبو عبد اللَّه القرطبيّ في "تفسيره": و"الآسِنُ" من الماء مثل الآجِنِ، وقد أَسَنَ الماءُ يَأْسُنُ ويَأْسِنُ أَسْنًا، وأُسُونًا: إذا تغيرت رائحته، وكذلك أَجَنَ الماءُ يَأْجُنُ ويَأْجِنُ أَجْنًا، وأُجُونًا، ويقال بالكسر فيهما: أَجِنَ، وأَسِنَ يَأْسَنُ، وَيأْجَنُ أَسَنًا وأَجَنًا، قاله اليزيديّ، وأَسِنَ الرجلُ أيضًا يَأْسَنُ بالكسر لا غير: إذا دخل البئرَ، فأصابته ريح مُنتنة من ريح البئر، أو غير ذلك، فغُشِي عليه، أو دار رأسه، قال زهير [من البسيط]:

قَدْ أَتْرُكُ الْقِرْنَ مُصْفَرًّ أَنَامِلُهُ … يَمِيدُ فِي الرُّمْحِ مَيْدَ الْمَائِح الْأَسِنِ

ويُرْوَى الْوَسِنِ، وتَأَسَّنَ الماءُ: تغير.

وقراءة العامة "آسِنٍ" بالمد، وقرأ ابن كثير وحميد "أَسِنٍ" بالقصر، وهما لغتان، مثل حاذر، وحَذِرٍ، وقال الأخفش: أَسِنٌ للحال، وآسِنٌ مثلُ فاعل يراد به الاستقبال. انتهى كلام القرطبيّ (٢).

وقال السمين الحلبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "آسن" قرأ ابن كثير "أَسِنِ" بزنة حَذِرٍ، وهو اسم فاعل، من أَسِنَ بالكسر يَأْسَنُ، فهو أَسِنٌ، كحَذِرَ يَحْذرُ فهو حَذِرٌ، والباقون "آسن" بزنة ضارب، من أَسَنَ بالفتح يَأْسِنُ، يقال: أَسَنَ الماءُ بالفتح يَأْسُنُ، ويَأْسِنُ بالكسر والضمّ أُسُونًا، كذا ذكره ثعلبٌ في "فصيحه"، وقال اليزيديّ: يقال: أَسِنَ بالكسر يَأْسَنُ بالفتح أَسَنًا: أي: تغيّر طعمه، وأما أَسِنَ الرجلُ: إذا دخل بئرًا، فأصابه من ريحها ما جعل في رأسه دُوَارًا، فَأَسِنَ بالكسر فقط، قال الشاعر:

قَدْ أَتْرُكُ الْقِرْنَ. . . . . . . . . … البيت الماضي

وقُرئَ "يَسِن" بالياء بدل الهمزة، قال أبو عليّ: هو تخفيفُ أَسِنٍ، وهو


(١) "المصباح المنير" ١/ ١٥.
(٢) راجع: "تفسير القرطبي" ١٦/ ٢٣٦.