للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هو عليه الآن، فلذلك اختلف ترتيب مصاحف الصحابة، ثم ذكر نحو كلام ابن بطال، ثم قال: ولا خلاف أن ترتيب آيات كل سورة على ما هي عليه الآن في المصحف توقيف من اللَّه تعالى، وعلى ذلك نقلته الأمة عن نبيها -صلى اللَّه عليه وسلم-. انتهى ما في "الفتح" (١).

وقال "كتاب فضائل القرآن" في شرح حديث ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- هذا: وأن فيه دلالة على أن تأليف مصحف ابن مسعود على غير تأليف العثمانيّ، وكان أوله "الفاتحة"، ثم "البقرة"، ثم "النساء"، ثم "آل عمران"، ولم يكن على ترتيب النزول، ويقال: إن مصحف عليّ -رضي اللَّه عنه- كان على ترتيب النزول، أوله "اقرأ" ثم "المدثر"، ثم "ن والقلم"، ثم "المزمل"، ثم "تبت"، ثم "التكوير"، ثم "سبح"، وهكذا إلى آخر المكيّ، ثم المدنيّ، واللَّه أعلم.

وأما ترتيب المصحف على ما هو عليه الآن، فقال القاضي أبو بكر الباقلانيّ: يَحْتَمِل أن يكون النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- هو الذي أمر بترتيبه هكذا، ويَحْتَمِل أن يكون من اجتهاد الصحابة، ثم رجح الأول بما ثبت أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يعارض به جبريل عليه السلام في كل سنة، فالذي يظهر أنه عارضه به هكذا على هذا الترتيب، وبه جزم ابن الأنباري.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وفيه نظر بل الذي يظهر أنه كان يعارض به على ترتيب النزول.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قوله: "يعارض به على ترتيب النزول" يحتاج إلى دليل، فالأظهر ما قاله القاضي، وجزم به ابن الأنباريّ، فتأمل.

قال: نعم ترتيب بعض السور على بعض أو معظمها لا يمتنع أن يكون توقيفًا، وإن كان بعضه من اجتهاد بعض الصحابة -رضي اللَّه عنهم-.

وقد أخرج أحمد، وأصحاب "السنن"، وصححه ابن حبان، والحاكم، من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- قال: قلت لعثمان: ما حملكم على أن عَمَدتم إلى الأنفال، وهي من المثاني، وإلى براءة وهي من المئين، فقرنتم بينهما، ولم تكتبوا بينهما سطر "بسم اللَّه الرحمن الرحيم"، ووضعتموهما في السبع الطوال؟


(١) "الفتح" ٢/ ٣٠٤.