قال الجامع عفا اللَّه عنه: تقدّم ترجيح القول بأن أوّل المفصّل من {ق}؛ لما سبق من الأدلّة، فتنبّه، واللَّه تعالى أعلم.
وقال في "الفتح": قوله: "من آل حاميم" أي: السورة التي أولها {حم} وقيل: يريد {حم} نفسها، كما في حديث أبي موسى -رضي اللَّه عنه-: "أنه أوتي مزمارًا من مزامير آل داود"؛ يعني: داود نفسه.
وقال الخطابيّ: قوله: "آل داود" يريد به داود نفسه، وهو كقوله تعالى:{أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}[غافر: ٤٦].
وتعقبه ابن التين بأن دليله يخالف تأويله، قال: وإنما يتم مراده لو كان الذي يدخل أشد العذاب فرعون وحده.
وقال الكرمانيّ: لولا أن هذا الحرف ورد في الكتابة منفصلًا يعني: "آل" وحدها و"حم" وحدها لجاز أن تكون الألف واللام التي لتعريف الجنس، والتقدير: وسورتين من الحواميم.
قال الحافظ: لكن الرواية أيضًا ليست فيها واو، نعم في رواية الأعمش المذكورة:"آخرهنّ من الحواميم"، وهو يؤيد الاحتمال المذكور، واللَّه أعلم.
وأغرب الداوديّ، فقال: قوله: "من آل حاميم" من كلام أبي وائل، وإلا فإن أول المفصل عند ابن مسعود من أول الجاثية. انتهى.
وهذا إنما يَرِدُ لو كان ترتيب مصحف ابن مسعود كترتيب المصحف العثمانيّ، والأمر بخلاف ذلك، فإن ترتيب السور في مصحف ابن مسعود يغاير الترتيب في المصحف العثمانيّ، فلعلّ هذا منها، ويكون أول المفصل عنده أول الجاثية، والدخان متأخرة في ترتيبه عن الجاثية، لا مانع من ذلك.
وقد أجاب النوويّ على طريق التنزل بأن المراد بقوله:"عشرين من أول المفصل"، أي: معظم العشرين. انتهى (١).
والحديث متّفقٌ عليه، وقد سبق بيان مسائله، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.