للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وهذُّ الشعر: الاسترسال في إنشاده من غير تدبّر في معانيه، ومعنى هذا أن الشعر هو الذي إن فَعَل الإنسان فيه ذلك سُوِّغ له، وأما في القرآن فما ينبغي مثل ذلك، بل يُقرأ بترتيل وتدبّر. انتهى (١).

وعند أحمد من طريق الأسود بن يزيد، عن عبد اللَّه بن مسعود، أن رجلًا أتاه، فقال: قرأت المفصل في ركعة، فقال: "بل هَذَذْتَ كهَذِّ الشعر، وكَنَثْر الدَّقَلِ".

وعند سعيد بن منصور، من طريق يسار، عن أبي وائل، عن عبد اللَّه، أنه قال في هذه القصّة: "إنما فُصِّل لتُفَصِّلوه" (٢).

(إِنَّا لَقَدْ سَمِعْنَا الْقَرَائِنَ) جمع قرينة، هو بمعنى قوله الماضي: "النظائر"، وقد مرّ البحث فيها مستوفًى، وللَّه الحمد، وفي نسخة: "القرآن" (وَإِنِّي لَأَحْفَظُ الْقَرَائِنَ الَّتِي كَانَ يَقْرَؤُهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- ثَمَانِيَةَ عَشَرَ (٣) مِنَ الْمُفَصَّلِ) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هكذا هو في الأصول المشهورة "ثمانية عشر"، وفي نادرٍ منها: "ثمان عشرة"، والأول صحيح أيضًا على تقدير ثمانية عشر نظيرًا، وقوله: (وَسُورَتَيْنِ مِنْ آلِ حم) يعني: من السور التي أولها {حم (١) كقولك: فلان من آل فلان، قال القاضي -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ويجوز أن يكون المراد {حم (١)} نفسها، كما قال في الحديث: "من مزامير آل داود"؛ أي: داود عليه السلام نفسه.

وفيه دليل على أن المفصل ما بعد "آل حم"، وقوله في الرواية الأولى: "عشرون من المفصّل"، وقوله هنا: "ثمانية عشر من المفصل، وسورتين من آل حم" لا تعارض فيه؛ لأن مراده في الأولى معظم العشرين من المفصل.

قال العلماء: أول القرآن السبع الطّوَال، ثم ذوات المئين، وهو ما كان في السورة منها مائة آية ونحوها، ثم المثاني، ثم المفصَّل، وقد سبق بيان الخلاف في أول المفصّل، فقيل: من القتال، وقيل: من الحجرات، وقيل: من {ق} (٤).


(١) "المفهم" ٢/ ٤٥٣ - ٤٥٤.
(٢) راجع: "الفتح" ٨/ ٧٠٧.
(٣) وفي نسخة: "ثماني عشرة".
(٤) "شرح النوويّ" ٦/ ١٠٧.