للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التالية، وسفيان الثوريّ، كما في "صحيح البخاريّ" (١) وهما ممن روى عن أبي إسحاق قبل اختلاطه، فتنبّه، واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث:

عن أبي إسحاق السبيعيِّ أنه (قَالَ: رَأَيْتُ رَجُلًا) لا يُعرف اسمه (٢) (سَأَل الْأَسْوَدَ بْنَ يَزِيدَ، وَهُوَ يُعَلِّمُ الْقُرْآنَ) جملة في محلّ نصب على الحال من "الأسود" (فِي الْمَسْجدِ) الظاهر أنه مسجد الكوفة (فَقَالَ) ذلك الرجل السائل (كَيْفَ تَقْرَأُ هَذِهِ الآيَةَ: {فَهَلْ مِنْ مُّدَّكِرٍ} [القمر: ٢٢]، أَدَالًا أَمْ ذَالًا؟) منصوب على الحاليّة لفعل محذوف، تقديره: أتقرؤها؟.

والمعنى: أتقرؤها بالدال المهملة، كما هو قراءة العامّة، أم تقرؤها بالذال المعجة، كما يقرؤها بعضهم؟ قال في "الفتح": قرأها بعض السلف بالمعجمة، وهو منقول أيضًا عن قتادة. انتهى (٣). (قَالَ) الأسود (بَلْ دَالًا) أي: بل أقرؤها بالدال المهملة، ثم دليله على هذا، فقال: (سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ) -رضي اللَّه عنه- (يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَقُولُ: {مُّدَّكِرٍ} ودَالًا) أي: بالدال المهملة، وأصله مُذتكرٌ بتاء مثنّاة فوقيّة بعد ذال معجمة، من باب الافتعال، فأبدلت التاء دالًا مهملة، ثم أُهملت المعجمة، لمقاربتها، ثم أُدغمت، فصار النطق بدال مهملة، وإلى قاعدة تاء الافتعال أشار ابن مالك -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "الخلاصة" حيث قال:

طَا تَا افْتِعَالٍ رُدَّ إِثْرَ طْبَقِ … فِي "ادَّانَ" وَ"ازْدَدْ" وَادَّكِرْ" دَالًا بَقِي

وقال السمين الحلبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} ـ وأصله مُذتكر، فأُبدلت التاء دالًا مهملةً، ثم أُبدلت المعجمة مهملةً، لمقاربتها، قال: وقد قُرئ "مُذْتَكِر" بهذا الأصل، وقرأ قتادة فيما نَقَل عنه أبو الفضل "مذَكِّر" بفتح الذال مخفّفةً، وتشديد الكاف، من ذَكَّرَ بالتشديد، أي: ذَكَّرَ نفسه أو غيره بما مضى من قِصَص الأولين، ونَقَل عنه ابنُ عطيّة كالجماعة، إلَّا أنه بالذال المعجمة،


(١) "كتاب أحاديث الأنبياء" رقم (٣٣٤١).
(٢) راجع: "تنبيه المعلم" (ص ١٦٢).
(٣) "الفتح" ٨/ ٤٨٥ "كتاب التفسير" (٤٨٧٥).