الأوقات، ولكنه متعقب بما سيأتي في بابه، أفاده في "الفتح"(١).
وقال في "الطرح": صح النهي عن الصلاة في حالتين أُخريين، وهما بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس، وبعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس، ففي "الصحيحين" عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-، قال:"شهِدَ عندي رجال مرضيون، وأرضاهم عندي عمر أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس"، وفي رواية:"حتى تطلع، وبعد العصر حتى تغرب"، وهو في "الصحيحين" أيضًا من حديث أبي هريرة، وأبي سعيد بلفظ:"حتى تطلع الشمس".
وبهذا قال مالك، والشافعيّ، وأحمد، والجمهور، وهو مذهب الحنفية أيضًا، إلَّا أنهم رأوا النهي في هاتين الحالتين أخف منه في الصُّوَرِ المتقدمة -يعني: الطلوع، والاستواء، والغروب- كما سنحكيه عنهم.
ورواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" عن عمر، وابن مسعود، وخالد بن الوليد، وأبي العالية، وسالم بن عبد اللَّه بن عمر، ومحمد بن سيرين، وغيرهم، وقال الترمذي: وهو قول أكثر الفقهاء، من الصحابة، فمن بعدهم، وحكاه ابن عبد البرّ عن أبي سعيد الخدريّ، وأبي هريرة، وسعد، ومعاذ بن عفراء، وابن عباس -رضي اللَّه عنهم-، قال: وحسبك بضرب عمر -رضي اللَّه عنه- على ذلك بالدِّرَّة؛ لأنه لا يستجيز ذلك من أصحابه إلَّا لصحة ذلك عنده.
وذهب آخرون، إلى أنه لا تكره الصلاة في هاتين الصورتين -يعني: بعد صلاتي الصبح، والعصر- ومال إليه ابن المنذر بعد ذكره ثبوت النهي عن الصلاة بعد الصبح، وبعد العصر، فدلّ قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تصلوا بعد العصر، إلَّا والشمس مرتفعة"، وقوله:"لا تحرّوا بصلاتكم طلوع الشمس، ولا غروبها، فإنها تطلع بين قرني شيطان"، مع قول عقبة بن عامر:"ثلاث ساعات، كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يَنْهَى أن يُصَلَّى فيهنّ" الحديث، مع سائر الأخبار المذكورة في غير هذا الكتاب على أن الوقت المنهي عن الصلاة فيه هذه الأوقات الثلاثة.