للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بابي قَتَلَ وضَرَبَ؛ دَفَنْتُهُ، وأقبرته بالألف: أمرت أنْ يُقْبَرَ، أو جعلت له قبرًا. انتهى. والمَوْتَى، جمع مَيْت.

قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: رُوي بـ "أو"، وبالواو، وهي أظهر، ويكون مراد النهي الصلاةَ على الجنازة والدفنَ؛ لأنه إنما يكون إثر الصلاة عليها، وأما رواية "أو" ففيها إشكال، إلَّا إذا قلنا: إن "أو" بمعنى الواو، كما قال الكوفيّون. انتهى (١).

وفيه دليلٌ على أن دفن الميت في هذه الأوقات الثلاثة منهي عنه، وإليه ذهب أحمد، وهو الحقّ؛ لظاهر الحديث.

قال السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ظاهر الحديث كراهة الدفن في هذه الأوقات، وهو قول أحمد، وغيره، ومن لا يقول به يؤَوِّل الحديث بأن المراد صلاة الجنازة على الميت بطريق الكناية؛ للملازمة بين الدفن والصلاة، ولا يخفى أنه تأويل بعيد، لا ينساق الذهن إليه من لفظ الحديث، يقال: قبره: إذا دفنه، ولا يقال: قبره: إذا صلى عليه، قال: والأقرب أن الحديث يميل إلى قول أحمد، وغيره: أن الدفن مكروه في هذه الأوقات. انتهى.

وقال البيهقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: نهيه عن القبر في هذه الساعات لا يتناول الصلاة على الجنازة، وهو عند كثير من أهل العلماء محمول على كراهية الدفن في تلك الساعات. انتهى.

قال في "المرعاة": قلت: حمله أبو داود على الدفن الحقيقيّ حيث بوّب عليه في الجنائز: "باب الدفن عند طلوع الشمس، وعند غروبها"، وإليه يظهر ميل النسائيّ، حيث عقد عليه في أثناء أبواب الدفن: "باب الساعات التي نُهِي عن إقبار الموتى فيها"، وحمله ابن ماجه على الصلاة والدفن كليهما، فقد بوَّب عليه في الجنائز: "باب الأوقات التي لا يُصَلَّى فيها على الميت، ولا يُدْفَن"، وحمله الترمذيّ على الصلاة، ولذلك بوَّب عليه: "باب كراهية الصلاة على الجنازة عند طلوع الشمس، وعند غروبها"، وأيَّده بما نُقِل عن ابن المبارك، قال: معنى هذا الحديث: "أو أن نقبر فيهنّ موتانا"؛ يعني: الصلاة


(١) "المفهم" ٢/ ٤٥٨.