على الجنازة. انتهى. وقد ضعَّف النووي هذا التأويل، وزيَّفه، كالسنديّ، هذا.
وقد علمتَ مما قدمنا أن صلاة الجنازة مكروهة في هذه الأوقات عند مالك، وأحمد، وأبي حنيفة، واستدَلَّ هؤلاء بحديث عقبة هذا وغيره من الأحاديث المطلقة الدالة على كراهة الصلاة في هذه الساعات خلافًا للشافعيّ، والقول الأول هو الظاهر.
قال الخطابيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قول الجماعة أولى؛ لموافقة الحديث. انتهى (١).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: ما قاله الإمام الشافعيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- عندي هو الأولى؛ لما عَرَفت من أن الراجح أن ذوات الأسباب لا تُمنَعُ في تلك الأوقات؛ إذ النهي محمول على التحرِّي فيها، في كان ذا سبب، ليس فيه تَحَرٍّ، فتفطن، واللَّه تعالى أعلم.
ثم بيّن تلك الساعات، فذكر الأولى بقوله:
(حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً) أي: طالعةً، ظاهرةً لا يخفى طلوعها، وهي حال مؤكِّدة لعاملها، كما قال في "الخلاصة":
(حَتَّى تَرْتَفِعَ) أي: إلى أن ترتفع كرُمح في رأي العين، كما بيّنته رواية عمرو بن عَبَسَة -رضي اللَّه عنه- عند النسائيّ، بلفظ:"فَدَعِ الصلاةَ حتى ترتفع قِيدَ رمح، ويَذْهَبَ شعاعها".
(وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ) هي شدة الحرّ، وقيل: حَدُّ انتِصَافِ النهار؛ أي: يَقِف، ويستقرّ الظلُّ الذي يَقِفُ عادةً حسب ما يبدو، فإن الظل عند الظهيرة لا يظهر له حركة سريعة، حتى يظهر بِمَرْأى العين أنه واقف، وهو سائر حقيقة.
قال في "المجمع": إذا بلغت الشمس وسط السماء، أبطأت حركتها إلى أن تزول، فيحسب الناظر المتأمل أنها وقفت، وهي سائرة، ولا شكّ أن الظل تابع لها.
والحاصل: أن المراد: وعند الاستواء. وقيل: المراد بقائم الظهيرة