للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الشخص القائم في الظهيرة، فإن الناس في السفر يَقِفُون في هذا الوقت؛ لشدة الحرّ، ليستريحوا.

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الظهيرة حال استواء الشمس، ومعناه حين لا يبقى للقائم في الظهيرة ظلّ في المشرق، ولا في المغرب.

وقال ابن حجر الهيتميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الظهيرة: هي نصف النهار، وقائمها، إمَّا الظلّ، وقيامُهُ: وقوفه؛ من قامت به دابته: وقفت، والمراد بوقوفه بطء حركته الناشئُ عن بطء حركة الشمس حينئذ باعتبار ما يظهر للناظر ببادئ الرأي، وإلا فهي سائرة على حالها، وإمَّا القائمُ فيها؛ لأنه حينئذ لا يميل له ظل إلى جهة المشرق، ولا جهة المغرب، وذلك كله كناية عن وقت استواء الشمس في وسط السماء، أفاده في "المرعاة" (١).

(حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ) أي: عن وسط السماء إلى جهة المغرب، وميلها هذا هو الزوال، قال ابن حجر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ووقتُ الاستواء المذكور، وإن كان وقتًا ضيقًا لا يسع صلاة، إلَّا أنه يسع التحريمة، فيحرُم تعمُّد التحريم فيه. انتهى.

ثم ذكر الثالثة بقوله:

(وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ) -بتشديد الياء بعد الضاد المفتوحة، صيغة مضارع، أصله تتضيف بالتاءين، حذفت إحداهما، كـ {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ} [القدر: ٤]، و {نَارًا تَلَظَّى} [الليل: ١٤]، أي: تميل، وقيل: هو بسكون الياء بعد الضاد المكسورة، يقال: ضاف يضيف: إذا مال.

وقال في "القاموس": وضاف: مال، كتَضَيَّفَ، وضَيَّفَ، وأضَفْتُهُ: أمَلْتُهُ. انتهى.

وقال التوربشتيّ: أصل الضيف: الميل، يقال: ضِفْتُ إلى كذا: مِلت إليه، وسمّي الضيف ضيفًا، لميله إلى الذي نزل عليه. انتهى.

والمعنى: وحين تميل، وتجنح الشمس (لِلْغُرُوبِ) أي: تبدأ في الغروب (حَتَّى تَغْرُبَ) أي: إلى أن يتكامل غروبها، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) راجع: "المرعاة" ٣/ ٤٥٥ - ٤٥٦.