تأخير الفريضة إلى هذا الوقت، ورواية النهي محمولة على غير ذوات الأسباب. انتهى (١).
وقال السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ومقصود عائشة -رضي اللَّه عنها- أن عمر -رضي اللَّه عنه- كادْ يَرَى المنع بعد العصر مطلقًا، وهو خطأ، والصواب أن الممنوع هو التحري بالصلاة.
وفي "النهاية": التحري: هو القصد، والاجتهاد في الطلب، والعزم على تخصيص الشيء بالفعل والقول. فالمنهيّ عنه تخصيص الوقتين المذكورين بالصلاة، واعتقادهما أولى وأحرى للصلاة.
أو أرادت عائشة -رضي اللَّه عنها- أن المنهيّ عنه هو الصلاة عند الطلوع والغروب بخصوصهما، لا بعد العصر والفجر مطلقًا، وعلى كل تقدير فقد وافق عمر على رواية الإطلاق الصحابة، فالوجه أن روايته صحيحة، والإطلاق مراد، والتقييد في بعض الروايات لا يدلّ على نفيه، بل لعله كان للتغليظ في النهي، واللَّه تعالى أعلم. انتهى كلام السنديُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: بل الأولى كون التقييد مرادًا؛ على ما تقدم تفصيله، فقد تقدّم أنه يجوز أن يصلي بعد العصر ما دامت الشمس مرتفعةً؛ لثبوت حديث عليّ -رضي اللَّه عنه- في ذلك، وكذلك يجوز أن يصلّي ذوات الأسباب؛ لصحّة الأدلة على ذلك، فتبصر، واللَّه تعالى أعلم.
(إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنْ يُتَحَرَّى طُلُوعُ الشَّمْسِ)"أن" بالفتح مصدرّية، والفعل مبنيّ للمفعول، والمصدر المؤوّل مجرور بـ "عن" محذوفةً؛ أي: عن تحرّي طلوع الشمس (وَغُرُوبُهَا) وفي نسخة: "أو غروبها"، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-.