دخله التخفيف، وأصله اسألها، أو هو أمر من سأل يسأل، من باب خاف يخاف، وهو لغة في سأل يسأل (عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ) أي: عن حكم صلاة الركعتين بعد أداء فريضة العصر (وَقُلْ: إِنَّا أُخْبِرْنَا) بالبناء للمفعول (أَنَّكِ) بفتح الهمزة، لسدّها مسدّ المفعول الثاني والثالث و"أُخبر"؛ لأنَّها تتعدّى إلى ثلاث مفاعيل، كما أشار إليه في "الخلاصة" بقوله:
[تنبيه]: قوله: "أخبرنا" على صيغة المجهول، قيل: كان المخبِر عبد اللَّه بن الزبير، ورَوَى ابن أبي شيبة، من طريق عبد اللَّه بن الحارث، قال: دخلت مع ابن عباس على معاوية -رضي اللَّه عنها-، فأجلسه معاوية على السرير، ثم قال: ما ركعتان يصليهما الناس بعد العصر؟ قال: ذلك ما يُفتي به الناسَ ابنُ الزبير، فأرسل إلى ابن الزبير، فسأله، فقال: أخبرتني بذلك عائشة، فأرسل إلى عائشة، فقالت: أخبرتني أم سلمة، فأرسل إلى أم سلمة، فانطلقت مع الرسول، فذكر القصّة.
واسم الرسول كثير بن الصَّلْت، سماه الطحاويّ في روايته، قال: حدّثنا أحمد بن داود، قال: حدّثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر، قال: حدّثنا سفيان، عن عبد اللَّه بن أبي لَبِيد، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أن معاوية بن أبي سفيان، قال وهو على المنبر لكثير بن الصَّلْت: اذهب إلى عائشة، فسلها عن ركعتي النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد العصر، فقال أبو سلمة: فقمت معه، قال ابن عباس لعبد اللَّه بن الحارث: اذهب معه، فجئناها، فسألناها، فقالت: لا أدري سلوا أم سلمة، قال: فسألناها، فقالت: دخل عليّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذات يوم بعد العصر، فصلى ركعتين، فقلت: يا رسول اللَّه، ما كنت تصلي هاتين الركعتين، فقال: قَدِمَ عليّ وفد من بني تميم، أو جاءتني صدقةٌ، فشغلوني عن ركعتين، كنت أصليهما بعد الظهر، وهما هاتان (١).
وكثير بن الصلت بن معدي كرب الكنديّ، أبو عبد اللَّه المدنيّ، قيل: إنه أدرك النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وكان كاتبًا لعبد الملك بن