(قَالَ كُرَيْبٌ) هو موصول بالإسناد المذكور (فَدَخَلْتُ عَلَيْهَا) أي: على عائشة -رضي اللَّه عنها- (وَبَلَّغْتُهَا مَا أَرْسَلُونِي بِهِ، فَقَالَتْ: سَلْ أُمَّ سَلَمَةَ) وفي رواية الطحاويّ: "فقالت عائشة: ليس عندي، ولكن حدثتني أم سلمة".
وفي رواية أخرى للطحاويّ أن معاوية أرسل إلى عائشة، يسألها عن السجدتين بعد العصر، فقالت: ليس عندي صلاهما، ولكن أم سلمة حدثتني أنه صلاهما عندها، فأرسل إلى أم سلمة، فقالت: صلاهما رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عندي، لَمْ أره صلاهما قبلُ ولا بعدُ، فقلت: يا رسول اللَّه ما سجدتان رأيتك صليتهما بعد العصر؟ ما رأيتك صليتهما قبلُ ولا بعدُ، فقال: هما سجدتان كنت أصليهما بعد الظهر، فقَدِمَ عليّ قلائص من الصدقة، فنسيتهما حتى صليت العصر، ثم ذكرتهما، فكَرِهت أن أصليهما في المسجد، والناس يرونني، فصليتهما عندك.
والقلائص: جمع قَلُوص، وهو من النُّوق الشابّة، وهي بمنزلة الجارية من النساء، قاله في "العمدة"(١).
(فَخَرَجْتُ إِلَيْهِمْ، فَأَخْبَرْتُهُمْ بِقَوْلِهَا) أي: بقول عائشة -رضي اللَّه عنها- (فَرَدُّونِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ) -رضي اللَّه عنها-، قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا فيه أنه يستحب للعالم إذا طُلِب منه تحقيق أمر مُهِمّ، ويَعْلَم أن غيره أعلم به، أو أعرف بأصله أن يرشد إليه إذا أمكنه، وفيه الاعتراف لأهل الفضل بمزيتهم، وفيه إشارة إلى أدب الرسول في حاجة، أنه لا يستقل فيها بتصرف لَمْ يؤذن له فيه، ولهذا لَمْ يستقلَّ كريب بالذهاب إلى أم سلمة؛ لأنهم إنما أرسلوه إلى عائشة، فلما أرشدته عائشة إلى أم سلمة، وكان رسولًا للجماعة، لَمْ يستقلّ بالذهاب حتى رجع إليهم فأخبرهم، فأرسلوه إليها. انتهى.
(بِمِثْلِ مَا أَرْسَلُونِي بِهِ إِلَى عَائِشَةَ) -رضي اللَّه عنها- (فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ) -رضي اللَّه عنها- (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَنْهَى عَنْهُمَا) أي: صلاة الركعتين بعد العصر (ثُمَّ رَأَيْتُهُ يُصَلِّيهِمَا، أمَّا حِينَ صَلَّاهُمَا، فَإِنَّهُ صَلَّى الْعَصْرَ) أي: في المسجد (ثُمَّ دَخَلَ) أي: في بيت أم سلمة -رضي اللَّه عنها- (وَعِنْدِي نِسْوَةٌ) لا يعرف أسماؤهنّ (مِنْ بَنِي حَرَامٍ) -بحاء، وراء