للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رجع عنه، وإن كان عامدًا، وله معنى مُخَصَّصٌ عرفه التابع، واستفاده، وإن كان مخصوصًا بحال يعلمها، ولم يتجاوزها، وفيه مع هذه الفوائد فائدة أخرى، وهي أنه بالسؤال يَسْلَم من إرسال الظنّ السيئ بتعارض الأفعال، أو الأقوال، وعدم الارتباط بطريق واحد. انتهى (١).

(فَإِنْ أَشَارَ بِيَدِهِ، فَاسْتَأْخِرِي عَنْهُ) أي: تأخّري عن جنبه -صلى اللَّه عليه وسلم- (قَالَ) كريبٌ ناقلًا عن أم سلمة -رضي اللَّه عنها- (فَفَعَلَتِ الْجَارِيَةُ) ما أمرتها به أم سلمة -رضي اللَّه عنها- (فَأَشَارَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- (بِيَدِهِ) أي: لتتأخّر عنه، حتى لا تَشغله عن صلاته، وفيه أن إشارة المصلي بيده ونحوها من الأفعال الخفيفة لا تبطل الصلاة.

(فَاسْتَأْخَرَتْ عَنْهُ) أي: تأخرت الجارية عن جنبه -صلى اللَّه عليه وسلم- (فَلَمَّا انْصَرَفَ) أي: سلّم من صلاته (قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- للجارية لتقول لأم سلمة، أو خاطبها نفسها ("يَا بِنْتَ) وفي نسخة: "يا ابنة" (أَبِي أمَيَّةَ) هو والد أم سلمة، واسمه حُذيفة، وقيل: سُهيل بن المغيرة المخزوميّ، وكان يلقّب زاد الراكب؛ لأنه كان أحد الأجواد، فكان إذا سافر لا يترك أحدًا يرافقه، ومعه زادٌ، بل يكفي رُفقته من الزاد (٢). (سَأَلْتِ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ، إِنَّهُ أَتَانِي نَاسٌ) اسم وُضع للجمع، كالقوم والرهط، وواحده إنسانٌ من غير لفظه، مشتقّ من ناس ينوس إذا تدلَّي، وتحرّك، فيُطلق على الجنّ والإنس، كما قال اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-: {الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (٥)} ثُّم فسّر الناس بقوله: {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (٦)} (٣). (مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ) وفي بعض النسخ: "من بني عبد القيس" (بِالْإِسْلَامِ مِنْ قَوْمِهِمْ) وللطحاويّ من وجه آخر: "قَدِمَ عليّ قلائص من الصدقة، فنسيتهما، ثم ذكرتهما، فكرهت أن أصليهما في المسجد، والناس يرون، فصليتهما عندك وله من وجه آخر: "فجاءني مالٌ، فشغلني وله من وجه آخر: "قَدِمَ عليّ وفد من بني تميم، أو جاءتني صدقة".

قال الحافظ: وقوله: "من بني تميم" وَهَمٌ، وإنما هم من عبد القيس، وكأنهم حضروا معهم بمال المصالحة من أهل البحرين، فقد ثبت من طريق


(١) "شرح النوويّ" ٦/ ١٢٠.
(٢) "المرعاة" ٣/ ٤٦٣.
(٣) "المصباح المنير" ٢/ ٦٣٠.