عمرو بن عوف:"أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان صالح أهل البحرين، وأَمَّر عليهم العلاء بن الحضرميّ، وأرسل أبا عبيدة، فأتاه بجزيتهم"، ويؤيده أن في رواية عبد اللَّه بن الحارث: أنه كان بعث ساعيًا، وكان قد أهمه شأن المهاجرين، وفيه: فقلت: ما هاتان الركعتان؛ فقال:"شغلني أمر الساعي". انتهى (١).
(فَشَغَلُونِي) تقدّم في "شرح المقدّمة" أن شَغَلَ ثلاثيّ، وأشغل بالألف لَمْ يثبُت عند المحقّقين، فلا يُغترّ بما اشتهر منه على الألسنة، فتنبّه (عَنِ الرَّكعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ) أي: فقضيتهما بعد العصر (فَهُمَا هَاتَانِ) أي: الركعتان اللتان صلّيتهما بعد العصر هما الركعتان اللتان كنت أصليهما بعد صلاة الظهر، قضيتهما الآن بعد العصر.
وفي رواية عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة، عن أم سلمة، عند الطحاويّ من الزيادة: فقلت: أُمِرت بهما؟ فقال:"لا، ولكن كنت أصليهما بعد الظهر، فشُغَلتُ عنهما، فصليتهما الآن"، وله من وجه آخر عنها:"لَمْ أره صلاهما قبلُ ولا بعدُ".
لكن هذا لا ينفي الوقوع، فقد ثبت في مسلم، عن أبي سلمة أنه سأل عائشة -رضي اللَّه عنها- عنهما؟ فقالت:"كان يصليهما قبل العصر، فشُغِل عنهما، أو نسيهما، فصلاهما بعد العصر، ثم أثبتهما، وكان إذا صلى صلاة أثبتها"؛ أي: داوم عليها.
ومن طريق عروة عنها:"ما ترك ركعتين بعد العصر عندي قطّ".
ومن ثَمَّ اختَلَفَ نظر العلماء، فقيل: تقضى الفوائت في أوقات الكراهة؛ لهذا الحديث، وقيل: هو خاصّ بالنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقيل: هو خاصّ بمن وقع له نظير ما وقع له، وقد تقدم البحث في ذلك مبسوطًا قبل بابين، فراجعه تستفد، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.