خادم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، خَدَمَهُ عشر سنين، ومات -رضي اللَّه عنه- سنة اثنتين، وقيل: ثلاث وتسعين، وقد جاوز المائة (ع) تقدم في "المقدمة" ٢/ ٣.
لطائف هذا الإسناد:
١ - (منها): أنه من رباعيّات المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-، وهو (١٢١) من رباعيّات الكتاب.
٢ - (ومنها): أن رجاله رجال الجماعة، سوى شيخه أبي بكر، فما أخرج له الترمذيّ، ومختار، فما أخرج له البخاريّ، وابن ماجه.
٣ - (ومنها): أن شيخه أبا كُريب من التسعة الذين روى عنهم الجماعة بلا واسطة، وقد تقدّموا غير مرّة.
٤ - (ومنها): أن أنسًا -رضي اللَّه عنه- صاحب منقبة عظيمة، وهي خدمة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عشر سنين، نال بسببها دعواته المباركة، وهو أحد المكثرين السبعة، روى (٢٢٨٦) حديثًا، وهو آخر من مات من الصحابة -رضي اللَّه عنهم- بالبصرة، ومن المعمّرين، فقد جاوز المائة، كما أسلفته آنفًا، واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث:
(عَنْ مُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلِ) -بفاءين مضمومتين، ولامين الأولى ساكنة- أنه (قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالَكٍ) -رضي اللَّه عنهما- (عَنِ التَّطَوُّعِ بَعْدَ الْعَصْرِ) أي: عن حكم صلاة التطوّع بعد أداء فريضة العصر (فَقَالَ: كَانَ عُمَرُ) بن الخطّاب -رضي اللَّه عنه- (يَضْرِبُ الْأَيْدِي عَلَى صَلَاةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ) أي: تعزيرًا لمن ارتكب ذلك مع علمه بالنهي (وَكُنَّا نُصَلِّي عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ غُرُوب الشَّمْسِ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ) أي: سنّة المغرب (فَقُلْتُ لَهُ: أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- صَلَّاهُمَا؟ قَالَ: كَانَ يَرَانَا نُصَلِّيهِمَا، فَلَمْ يَأْمُرْنَا، وَلَمْ يَنْهَنَا) أي: لَمْ يأمرنا -صلى اللَّه عليه وسلم- بهاتين الركعتين، ولم ينهنا عنهما، بل أقرّنا عليهما، ففي إقراره دليل على سنيّتهما.
[فإن قلت]: كيف نَفَى أنسٌ -رضي اللَّه عنه- أمره -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد ثبت ذلك في "صحيح البخاريّ" وغيره من حديث عبد اللَّه بن مغفّل -رضي اللَّه عنه-؟.
[قلت]: إنما نفَى أنس -رضي اللَّه عنه- علمه، لا أصل المشروعيّة بالأمر، فهو لَمْ