للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يسمع أمره -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإنما رأى تقريره من صلاهما، فأخبر عما علمه، فلا ينافي ما ثبت من قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صلّوا قبل المغرب".

قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: في هذه الروايات استحباب ركعتين بين المغرب وصلاة المغرب، وفي المسألة وجهان لأصحابنا: أشهرهما لا يُستحبّ، وأصحهما عند المحققين يستحب، لهذه الأحاديث، وفي المسألة مذهبان للسلف، واستحبهما جماعة من الصحابة والتابعين، ومن المتأخرين أحمد، وإسحق، ولم يستحبهما أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ، وآخرون من الصحابة، ومالك، وأكثر الفقهاء، وقال النخعيّ: هي بدعةٌ، وحجة هؤلاء أن استحبابهما يؤدي إلى تأخير المغرب عن أول وقتها قليلًا، وزعم بعضهم في جواب هذه الأحاديث أنها منسوخة، والمختار استحبابها؛ لهذه الأحاديث الصحيحة الصريحة، وفي "صحيح البخاري"، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صَلُّوا قبل المغرب، صلُّوا قبل المغرب، صلُّوا قبل المغرب"، قال في الثالثة: "لمن شاء".

وأما قولهم: يؤدي إلى تأخير المغرب، فهذا خَيَالٌ منابذٌ للسنة، فلا يُلتَفَت إليه، ومع هذا فهو زَمَنٌ يسير، لا تتأخر به الصلاة عن أول وقتها.

وأما من زعم النسخ فهو مجازِفٌ؛ لأن النسخ لا يصار إليه إلَّا إذا عجزنا عن التأويل، والجمع بين الأحاديث، وعلمنا التاريخ، وليس هنا شيء من ذلك، واللَّه أعلم. انتهى (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: سيأتي تحقيق الخلاف في هذه المسألة مستوفًى في المسألة الثالثة من الحديث التالي -إن شاء اللَّه تعالى- واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أنس -رضي اللَّه عنه- هذا من أفراد المصنّف -رضي اللَّه عنه-.

(المسألة الثانية): في تخريجه:


(١) "شرح النوويّ" ٦/ ١٢٣ - ١٢٤.