بعدهم، فمردود بقول محمد بن نصر: وقد روينا عن جماعة من الصحابة والتابعين أنهم كانوا يصلون الركعتين قبل المغرب.
ثم أخرج ذلك بأسانيد متعددة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلي، وعبد اللَّه بن بريدة، ويحيى بن عقيل، والأعرج، وعامر بن عبد اللَّه بن الزبير، وعراك بن مالك، ومن طريق الحسن البصريّ أنه سئل عنهما؟ فقال: حسنتين -واللَّه- لمن أراد اللَّه بهما.
وعن سعيد بن المسيِّب أنه كان يقول: حقّ على كل مؤمن إذا أذن المؤذن أن يركع ركعتين.
وعن مالك قول آخر باستحبابهما.
وعند الشافعية وجه رجحه النوويّ، ومن تبعه، وقال في "شرح مسلم": قول من قال: إن فِعْلَهُما يؤدي إلى تأخير المغرب عن أول وقتها خَيَال فاسد منابذ للسنة، ومع ذلك فزمنهما زمن يسير، لا تتأخر به الصلاة عن أول وقتها.
قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ومجموع الأدلة يرشد إلى استحباب تخفيفهما، كما في ركعتي الفجر.
قيل: والحكمة في الندب إليهما رجاء إجابة الدعاء؛ لأن الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد، وكلما كان الوقت أشرف كان ثواب العبادة فيه أكثر.
واستدل بحديث أنس -رضي اللَّه عنه- على امتداد وقت المغرب، وليس بواضح. انتهى (١).
قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: ثم بدا لي أن أنقل ما ذكره محمد بن نصر بتمامه من مختصره للعلامة أحمد بن علي المقريزي -رحمهما اللَّه تعالى- إتمامًا للفائدة، حيث إن المسألة مهمّة جدًّا، فلا بدّ من تحقيق ما ثبت عن السلف -رحمهم اللَّه- فيها.
قال -رَحِمَهُ اللَّهُ-:
"باب الركعتين قبل المغرب":
قال اللَّه تعالى:{ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}[البقرة: ١٨٧] فأجمع أهل العلم