يَصُفَّ المسلمين كلهم خلفه، ويكبّر ويكبّرون جميعًا، ثم يركع فيركعون جميعًا، ثم يرفع ويرفعون جميعًا معه، ثم ينحدر بالسجود، والصف الذي يليه خاصّةً، ويقوم الصف المؤخر مُوَاجِهَ العدوّ، فإذا فرغ من الركعة الأولى، ونَهَضَ إلى الثانية، سجد الصف المؤخر بعد قيامه سجدتين، ثم قاموا، فتقدموا إلى مكان الصف الأول، وتأخر الصف الأول مكانهم؛ لتحصل فضيلة الصف الأول للطائفتين، وليدرك الصف الثاني مع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- السجدتين في الركعة الثانية، كما أدرك الأول معه السجدتين في الأولى، فتستوي الطائفتان فيما أدركوا معه، وفيما قَضَوْا لأنفسهم، وذلك غاية العدل، فإذا رَكَعَ صَنَعَ الطائفتان كما صنعوا أول مرّة، فإذا جلس للتشهد، سجد الصف المؤخر سجدتين، ولحقوه في التشهد، فيسلّم بهم جميعًا.
وإن كان العدوّ في غير جهة القبلة، فإنه كان تارةً يجعلهم فرقتين: فرقة بإزاء العدوّ، وفرقة تصلي معه، فتصلي معه إحدى الفرقتين ركعةً، ثم تنصرف في صلاتها إلى مكان الفرقة الأخرى، وتجيء الأخرى إلى مكان هذه، فتصلي معه الركعة الثانية، ثم تسلم وتقضي كل طائفة ركعةً ركعةً بعد سلام الإمام.
وتارةً كان يصلي بإحدى الطائفتين ركعةً، ثم يقوم إلى الثانية، وتقضي هي ركعةً، وهو واقفٌ، وتسلم قبل ركوعه، وتأتي الطائفة الأخرى، فتصلي معه الركعة الثانية، فإذا جلس في التشهد، قامت فقضت ركعةً، وهو ينتظرها في التشهد، فإذا تشهدت يسلم بهم.
وتارةً كان يصلي بإحدى الطائفتين ركعتين، فتسلم قبله، وتأتي الطائفة الأخرى، فيصلي بهم الركعتين الأخيرتين، ويسلم بهم، فتكون له أربعًا، ولهم ركعتين ركعتين.
وتارةً كان يصلي بإحدى الطائفتين ركعتين، ويسلم بهم، وتأتي الأخرى فيصلي بهم ركعتين ويسلم، فيكون قد صلى بهم بكل طائفة صلاةً.
وتارةً كان يصلي بإحدى الطائفتين ركعةً، فتذهب ولا تقضي شيئًا، وتجيء الأخرى فيصلي بهم ركعةً، ولا تقضي شيئًا، فيكون له ركعتان، ولهم ركعةً ركعةً، وهذه الأوجه كلُّها تجوز الصلاة بها.