للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللَّهُ-: كلُّ حديث يُرْوَى في أبواب صلاة الخوف، فالعمل به جائزٌ.

وقال: ستةُ أوجه، أو سبعةٌ تروى فيها كلُّها جائزة.

وقال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: تقول بالأحاديث كلها، كل حديث في موضعه، أو تختار واحدًا منها؟، قال: أنا أقول: من ذهب إليها كلِّها فحسن.

وظاهرُ هذا أنه جَوَّزَ أن تصلي كل طائفة معه ركعةً ركعةً، ولا تقضي شيئًا، وهذا مذهب ابن عباس، وجابر بن عبد اللَّه، وطاووس، ومجاهد، والحسن، وقتادة، والحكم، وإسحاق ابن راهويه.

قال صاحب "المغني": وعموم كلام أحمد يقتضي جواز ذلك، وأصحابنا ينكرونه. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قول هؤلاء الإئمة بجواز ركعة واحدة في شدّة الخوف هو الحقّ؛ لقوّة دليله، وقد أسلفت تحقيقه في "كتاب صلاة المسافرين"، فارجع إليه تستفد، وباللَّه تعالى التوفيق.

قال ابن القيّم -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وقد رُوي عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- في صلاة الخوف صفات أُخَرُ ترجع كلها إلى هذه، وهذه أصولها، وربما اختلف بعض ألفاظها، وقد ذكرها بعضهم عشر صفات، وذكرها أبو محمد بن حزم نحو خمس عشرة صفةً، والصحيح ما ذكرناه أَوّلًا، وهؤلاء كلما رأوا اختلاف الرواة في قصّة جعلوا ذلك وجوهًا من فعل النبيّ، وإنما هو من اختلاف الرواة، واللَّه أعلم. انتهى كلام ابن القيّم -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١)، وهو بحثٌ نفيسٌ جدًّا، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): أنه اختُلف في أيّ سنة شُرعت صلاة الخوف؟ فقال الجمهور: إن أول ما صليت في غزوة ذات الرقاع، واختَلَف أهل السير في أيّ سنة كانت هي؟، فقال عامّة أهل السير، ابن إسحاق، وابن عبد البرّ، وغيرهما: إنها كانت بعد بني النضير، والخندق، في جمادى الأولى سنة أربع، وقال ابن سعد، وابن حبّان: في عاشر محرّم سنة خمس، وقال أبو معشر: بعد


(١) "زاد المعاد في هدي خير العباد" ١/ ٥٣١ - ٥٣٢.