قال الحافظ: قلت: رواته ثقات، فإن كان محفوظًا، فهو حديث آخر، ولا مانع أن يسمعه ابن عمر، عن أبيه، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومن غيره من الصحابة، فقد ثبت في "الصحيحين" من رواية ابن عمر، عن أبيه، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا سيما مع اختلاف المتون. انتهى كلام الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ- ببعض تصرف (١)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم الغسل يوم الجمعة:
قال الإمام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: اختَلَفوا في وجوب الغسل يوم الجمعة، فقالت طائفة: غسل يوم الجمعة واجب على كل مسلم محتلم، كذلك قال أبو هريرة، وروينا عن عمر أنه قال في شيء: لأنا أَعْجَزُ إذًا ممن لا يغتسل يوم الجمعة، وعن أبي سعيد الخدري أنه قال: ثلاث حقّ على كل مسلم في يوم الجمعة: الغسل، والسواك، ويمس طيبًا، إن وجده، وتقاول عمار بن ياسر رجلًا، فقال: أنا إذًا أشرّ من الذي لا يغتسل يوم الجمعة، وروينا عن ابن عباس أنه قال: ما شَعَرت أن أحدًا يرى أن له طهورًا يوم الجمعة غير الغسل، حتى قدمت هذا البلد -يعني: البصرة-.
وكان الحسن يرى الغسل يوم الجمعة واجبًا، ويأمر به، وكان مالك يقول: من اغتسل يوم الجمعة في أول نهاره، وهو لا يريد به غسل الجمعة، فإن الغسل لا يجزي عنه حتى يغتسل لرواحه.
وقالت طائفة: الغسل سنة، وليس فرضًا، قال عبد اللَّه بن مسعود: غسل يوم الجمعة سنة، وكان ابن عباس يأمر بالغسل، قال عطاء: من غير أن يُؤَثِّم من تركه، وهو الراوي للحديث عن ابن عباس، وروينا عن ابن عباس، أنه قال: ليس الغسل بمحتوم.
وممن كان لا يرى الغسل فرضًا لازمًا: الأوزاعيّ، والثوريّ، والشافعيّ، وأحمد بن حنبل، والنعمان، وأصحابه.
ثم مال ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ- إلى ترجيح القول بالندبية، راجع كلامه في "الأوسط".