للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المتحتّم المعاقَبُ عليه. انتهى (١).

(عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ") أي: بالغ مُدرك، يقال: حَلَمَ الصبيّ، من باب نصر، واحْتَلَمَ: أدرك، وبلغ مبالغ الرجال، فهو حالم، ومحتلمٌ (٢).

وإنما ذَكَرَ الاحتلام؛ لكونه الغالبَ، وإلا فلو بلغ بالسنّ، أو غير ذلك، كان عليه الغسل.

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: خصّ المحتلم بالذكر؛ لأن الاحتلام أكثر ما يبلغ به الرجال، وهو الأصل، وهذا كما قال في حقّ النساء: "لا تُقبل صلاةُ حائض إلا بخمار" (٣)، يعني بالحائض: البالغ من النساء، وخصّها به؛ لأن الحيض أغلب ما يبلغ به النساء من علامات البلوغ، وفيه دليلٌ على أن الجمعة لا تجب على صبيّ، ولا امرأة؛ لأنه بَيّن محلّ وجوبها. انتهى (٤).

قال الحافظ ابن رجبُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "شرح البخاريّ": وقد اختَلَف العلماء في غسل الجمعة: هل هو واجبٌ -بمعنى: أنه يأثم بتركه مع القدرة عليه بغير ضرر، أم هو مستحبٌ- فلا ياثم بتركه بحال؟، ولم يختلفوا أنه ليس بشرط لصحة صلاة الجمعة، وأنها تصح بدونه، ولهذا أقر عمر والصحابة من شهد الجمعة ولم يغتسل، ولم يأمروه بالخروج للغسل.

وقد استَدَلَّ -أيضًا- بذلك الشافعي وغيره على أنه غير واجب؛ لأنه لو كان واجبًا لأمر عمر عثمان -رضي اللَّه عنهما- بالخروج له.

وأجاب بعضهم عن ذلك: بأنهم قد يكونوا خافوا عليه فوات الصلاة لضيق الوقت.

وأكثر العلماء على أنه يستحب، وليس بواجب.

وذكر الترمذي في "جامعه" أن العمل على ذلك عند أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم.


(١) "شرح النووي" ٦/ ١٣٤.
(٢) راجع: "المصباح" ١/ ١٤٨.
(٣) حديث صحيح، أخرجه أحمد (٦/ ٢١٨ و ٢٥٩)، وأبو داود (٦٤١)، والترمذيّ (٣٧٧) عن عائشة -رضي اللَّه عنها-.
(٤) "المفهم" ٢/ ٤٨٠.