للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الفعل بعدها (تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا) بحذف النون للنصب بـ "أن" مضمرة بعد "حتى" وجوبًا، لكون الفعل مستقبلًا، كما قال في "الخلاصة":

وَبَعْدَ "حَتَّى" هَكَذَا إِضْمَارُ "أَنْ" … حَتْمٌ كـ "جُدْ حَتَّى تَسُرَّ ذَا حَزَنْ"

وَتِلْوَ "حَتَّى" حَالًا أوْ مُؤَوَّلَا … بِهِ ارْفَعَنَّ وَانْصِبِ الْمُسْتَقْبَلَا

وقوله: "لا تدخلون الجنّة إلخ" هو على ظاهره، وإطلاقه، فلا يدخل الجنة إلا من مات مؤمنًا، وإن لم يكن كامل الإيمان (وَلَا تُؤْمِنُوا) قال القرطبيّ رحمه الله تعالى: كذا صحّت الروايات هنا: "ولا تؤمنوا" بإسقاط النون، والصواب إثباتها كما وقع في بعض النسخ؛ لأن "لا" نفيٌ لا نهيٌ، فلزم إثباتها. انتهى (١).

وقال النوويّ رحمه الله تعالى: هكذا هو في جميع الأصول والروايات: "ولا تؤمنوا" بحذف النون من آخره، وهي لغة معروفة صحيحة. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قول القرطبيّ: "والصواب إثباتها" ليس كما ينبغي؛ لأنه إذا صحّت الرواية بالحذف، ووجد في العربيّة له وجه، فلا وجه للتخطئة، فما قاله النوويّ هو الحقّ، وقد أثبت المحقّقون من النحاة جواز حذف نون الرفع بلا ناصب وجازم على قلّة، قال ابن مالك رحمه الله تعالى في "الكافية" مبيّنًا إعراب الأفعال الخمسة:

بِالنُّونِ رَفْعُ نَحْوِ "يَذْهَبُونَا" … وَ"تَذْهَبَانِ" ثُمَّ "تَذْهَبِينَا"

وَاحْذِفْ إِذَا جَزَمْتَ أَوْ نَصَبْتَا … كـ"لَمْ تَكُونَا لِتَرُومَا سُحْتَا"

وَحَذْفُهَا فِي الرَّفْعِ قَبْلَ "نِي" أَتَى … وَالْفَكُّ وَالإِدْغَامُ أَيْضًا ثَبَتَا

وَدُونَ "نِي" فِي الرَّفْعِ حَذْفَهَا حَكَوْا … فِي النَّثْرِ وَالنَّظْمِ وَمِمَّا قَدْ رَوَوْا

"أَبِيتُ أَسْرِي وَتَبِيتِي تَدْلُكِي … وَجْهَكِ بِالْعَنْبَرِ وَالْمِسْكِ الذَّكِي"

قال في "شرحه": وقولي: "ودون ني" أي دون اتّصال نون الوقاية بنون الرفع قد حُكي حذفها، ومثال ذلك في النثر ما رُوي من قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنّة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابّوا" (٣)،


(١) "المفهم" ١/ ٢٤٢.
(٢) "شرح مسلم" ٢/ ٣٦.
(٣) هذه رواية أبي داود، والترمذي بحذف النون في الموضعين: "لا تدخلوا"، و"لا تؤمنوا"، وأما رواية مسلم فالشاهد فيها حذفها من "ولا تؤمنوا" فقط.