للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأصل: لا تدخلون، ولا تؤمنون؛ لأن "لا" نافية، و"لا" النافية لا تعمل في الفعل شيئًا، ومثال النظم قول الراجز:

أَبِيتُ أَسْري … البيت.

والأصل "تبيتين" و"تدلُكين"، فحذف النونين دون جازم ولا ناصب. انتهى كلام ابن مالك باختصار (١).

والحاصل أن تخطئة الرواية بحذف النون غير مقبول، فتبصّر، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

(حَتَّى تَحَابُّوا) بحذف إحدى التاءين، إذ أصله: تتحابّوا؛ أي حتى يُحبّ بعضكم بعضًا، ونونه محذوفة للناصب، كما تقدّم نظيره، قال النوويّ: معناه: لا يكمل إيمانكم، ولا يصلُح حالكم في الإيمان إلا بالتحاب.

وقال القرطبيّ: الإيمان المذكور أولًا هو التصديق الشرعيّ المذكور في حديث جبريل عليه السلام، والإيمان المذكور ثانيًا هو الإيمان العمليّ المذكور في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الإيمان بضع وسبعون شعبةً"، ولو كان الثاني هو الأول للزم منه أن لا يدخل الجنّة مَن أبغض أحدًا من المؤمنين، وذلك باطلٌ قطعًا، فتعيّن التأويل الذي ذكرناه. انتهى (٢).

وقال القاضي عياض رحمه الله تعالى: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولا تؤمنوا حتى تحابّوا": أي لا يتمّ إيمانكم، ولا يكمُلُ ولا تصلح حالتكم في الإيمان إلا بالتحابّ والأُلفة، ويعضده قوله بعدُ: "أوَلا أدلّكم على شيء … " الحديث. انتهى (٣).

وقال النوويّ رحمه الله تعالى: وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لاتدخلون الجنة حتى تؤمنوا"، فهو على ظاهره، وإطلاقه، فلا يدخل الجنة إلا من مات مؤمنًا، وإن لم يكن كاملَ الإيمان، فهذا هو الظاهر من الحديث.

وقال الشيخ أبو عمرو رحمه الله تعالى: معنى الحديث: لا يكمل إيمانكم


(١) "شرح الكافية الشافية" ١/ ٢٠٧ - ٢١١.
(٢) "المفهم" ١/ ٢٤٢.
(٣) "إكمال المعلم" ١/ ٣٢٦.