للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي "السنن" لأبي داود من حديث عبد اللَّه بن عمرو -رضي اللَّه عنهما- مرفوعًا: "إنما الجمعة على من سمع النداء"، وقال: إنه اختُلِف في رفعه ووقفه.

وأخرجه الدارقطنيّ من وجه آخر عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه مرفوعًا، ويؤيده قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- لابن أم مكتوم: "أتسمع النداء؟ "، قال: نعم، قال: "فأجب"، وقد تقدّم في صلاة الجماعة ذكر من احتج به على وجوبها، فيكون في الجمعة أولى؛ لثبوت الأمر بالسعي إليها.

وأما حديث: "الجمعةُ على من آواه الليل إلى أهله"، فأخرجه الترمذيّ، ونَقَل عن أحمد أنه لم يره شيئًا، وقال لمن ذَكَره له: استغفر ربك.

ومعناه: أنها تجب على من يُمكنه الرجوع إلى أهله قبل دخول الليل، واستُشكِل بأنه يلزم منه أنه يجب السعي من أول النهار، وهو بخلاف الآية، قاله في "الفتح" (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: ما ذهب إليه الجمهور من أن الجمعة تجب على من سمع النداء على الوصف الذي ذكره الشافعيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في كلامه السابق هو الحقّ؛ لوضوح حجّته، وأما حديث الترمذيّ: "الجمعة على من آواه الليل إلى أهله"، فحديث ضعيف جدًّا، ففي سنده عبد اللَّه بن سعيد متروك، والراوي عنه ضعيف أيضًا، فلا وجه لاستشكاله مع الآية، وقد استوفيت المسألة في المسألة الثامنة من المسائل المذكورة في أول "كتاب الجمعة"، فراجعها تستفد، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[١٩٥٩] (. . .) - (وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَخْبَرَنَا (٢) اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ النَّاسُ أَهْلَ عَمَلٍ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ كُفَاةٌ، فَكَانُوا يَكُونُ لَهُمْ تَفَلٌ (٣)، فَقِيلَ لَهُمْ: "لَوِ اغْتَسَلْتُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ").


(١) "الفتح" ٢/ ٤٤٧ - ٤٤٨.
(٢) وفي نسخة: "حدّثنا".
(٣) وفي نسخة: "يكون لهم التفل".