قال ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ليس لأحد أن يتكلم، والإمام يخطب، على ظاهر هذا الحديث. انتهى.
قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: عندي الراجح قول من قال بتحريم الكلام مطلقًا، سواء سمع الخطبة، أم لا؛ لأن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يشترط السماع حينما حرّم الكلام، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة السادسة): في اختلاف أهل العلم في رد السلام، وتشميت العاطس حال الخطبة:
قال الإمام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: اختلفوا في تشميت العاطس، وردّ السلام، والإمام يخطب، فرخّصت طائفة في تشميت العاطس، وردّ السلام، والإمام يخطب.
وممن رخّص في ذلك: الحسن البصريّ، والنخعيّ، والشعبي، والحَكَم، وحماد، وسفيان الثوريّ، وأحمد، وإسحاق، وكان قتادة يقول: يردّ السلام، ويُسمعه، وروي ذلك عن القاسم بن محمد.
واختلف قول الشافعي في هذا الباب، فكان إذ هو بالعراق يقول: ولا يشمتون عاطسًا، ولا يردون سلامًا إلا بإيماء، وكان يقول بعدُ بمصر: وإن سلّم رجل على رجل يوم الجمعة كرهت ذلك، ورأيت أن يردّ عليهم بعضهم؛ لأن ردّ السلام فرض، ولو عطس رجل، فشمّته رجل رجوت أن يَسَعَه؛ لأن التشميت سنّة.
وكان سعيد بن المسيّب يقول: لا يشمّته، وكذلك قال قتادة، وهذا خلاف قوله في ردّ السلام، ولعل الفرق يمنعه بينهما أن ردّ السلام فرض، وليس كذلك تشميت العاطس. وقال أصحاب الرأي: أحبّ إلينا أن يستمعوا، ويُنصتوا.
وفرّق عطاء بين الحالين، فقال: إذا كنت تسمع الخطبة، فاردد في نفسك، وإذا كنت لا تسمعها، فاردد عليه، وأسمعه، وقال أحمد: إذا لم يسمع الخطبة شمّت، وردّ.
قال ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ثبت أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"إذا قلت لصاحبك: أنصت، والإمام يخطب، فقد لغوت"، فالإنصات يجب على ظاهر السنّة،