للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وإباحة ردّ السلام، وتشميت العاطس غير موجود بحجة، والذي أرى أن يردّ السلام إشارةً، ويشمّت العاطس إذا فرغ الإمام من الخطبة. افتهى.

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: هذا الذي قاله ابن المنذر حسنٌ جدًّا؛ لوضوح دليله.

والحاصل أنه لا يُشرع ردّ السلام، ولا تشميت العاطس؛ لعموم الأدلّة، إلا أن يردّ السلام إشارةً، كما فعل -صلى اللَّه عليه وسلم- مع من سلّم عليه، وهو يصلّي، وكذا تشميته بعد الخطبة، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السابعة): في اختلاف أهل العلم في الكلام بعد الفراغ من الخطبة:

قال ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: اختلفوا في الكلام بعد فراغ الإمام من الخطبة قبل أن يدخل في الصلاة، فرخّصت طائفة في ذلك.

وممن كان لا يرى به بأسًا طاوس، وعطاء، والزهريّ، وحماد بن أبي سليمان، وبكر بن عبد اللَّه، وإبراهيم النخعي، وهو قول مالك، والشافعي، وإسحاق، وأبي ثور، ويعقوب، ومحمد، وروينا عن ابن عمر أنه قال: لا بأس بالكلام إذا نزل الإمام من المنبر يوم الجمعة حتى يكبّر.

وكان الحكم بن عُتيبة يكره ذلك، وروي عن طاوس رواية توافق قول الحكم، خلاف الرواية الأولى.

وكذا اختلفوا في الكلام بين الخطبتين، فكرهته طائفة، منهم مالك، والأوزاعيّ، والشافعي، وإسحاق، وقال الحسن البصريّ: لا بأس بالكلام بين الخطبتين، وإذا نزل الإمام عن المنبر.

قال ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قد كان الكلام مباحًا قبل خطبة الإمام، وقد أمر الناس بالإنصات لإمامهم إذا خطب، فإذا انقضت الخطبة رجعت الإباحة، والأخبار دالّة على ذلك. انتهى كلام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ- بتصرّف (١).

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: الذي يترجّح عندي أن الإنصات يكون من


(١) "الأوسط" ٤/ ٩٧ - ٩٨.