للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أن الذي وضع هو بشر بن المفضل، راويه عن سلمة بن علقمة، وكأنه فَسَّر الإشارة بذلك، وأنها ساعة لطيفة، تتنقل ما بين وسط النهار إلى قرب آخره.

وبهذا يحصل الجمع (١) بينه وبين قوله: "يُزَهِّدها"؛ أي: "يُقَلِّلها"، وفي رواية محمد بن زياد، عن أبي هريرة الآتية هنا: "وهي ساعة خفيفة"، وللطبراني في "الأوسط" في حديث أنس -رضي اللَّه عنه-: "وهي قدر هذا"؛ يعني: قبضة.

قال الزين ابن الْمُنَيِّر: الإشارة لتقليلها، هو للترغيب فيها، والحضّ عليها؛ ليسارة وقتها، وغزارة فضلها، قاله في "الفتح" (٢).

وقال وليّ الدين -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "وأشار بيده يقللها" لم يبيّن كيفية هذه الإشارة، وقد تقدم في رواية للبخاريّ: "ووضع أنملته على بطن الوسطى والخنصر"، والظاهر أن المراد أنملة الإبهام، وقد يقال: كيف وضعها على بطن الوسطى والخنصر، وبين هذين الأصبعين أصبع أخرى، وهي البنصر؛ ولعله عَرَض الإبهام على هذه الأصابع، وسكت عن ذكر البنصر؛ لأنه إذا وضع الإبهام عرضًا على الوسطى والخنصر، فلا بدّ وأن يكون موضوعًا على البنصر أيضًا، فسكت عنه؛ لفهمه مما ذُكر، وأما إذا كان الإبهام موضوعًا على استقامته، فلا يمكن أن يكون موضوعأ على الوسطى والخنصر في حالة واحدة. انتهى (٣).

وقال وليّ الدين -رَحِمَهُ اللَّهُ- أيضًا: قد ورد التصريح بذلك لفظًا بقوله: "وهي ساعة خفيفة"، وهو في "صحيح مسلم" من حديث محمد بن زياد، عن أبي هريرة -يعني: الحديث الآتي بعد حديثين-.

وفي "معجم الطبراني الأوسط" عن أنس -رضي اللَّه عنه- أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ابتغوا الساعة التي تُرجى في الجمعة ما بين العصر إلى غيبوبة الشمس، وهي قدر هذا يعني: قبضة".

وفي حديث عبد اللَّه بن سلام -رضي اللَّه عنه- عن ابن ماجه: "أو بعض ساعة"، وذلك يدل على قِصَرِ زمانها، وأنها ليست مستغرقة لما بين جلوس الإمام على


(١) ينظر وجه الفرق ما هو؟.
(٢) "الفتح" ٢/ ٤٨٣.
(٣) "طرح التثريب" ٣/ ٢١٥ - ٢١٦.