المنبر وآخر الصلاة، ولا لما بين العصر والمغرب، بل المراد على هذين القولين، وعلى جميع الأقوال أن تلك الساعة لا تخرج عن هذا الوقت، وأنها لحظة لطيفة، وقد نَبَّهَ على ذلك القاضي عياض، وقال النوويّ في "شرح المهذب" بعد نقله عنه: إن الذي قاله صحيح.
قال وليّ الدين: لكن في "سنن أبي داود" وغيره عن جابر -رضي اللَّه عنه-، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يوم الجمعة ثنتا عشرة يريد ساعةً، لا يوجد مسلم يسأل اللَّه شيئًا، إلا آتاه اللَّه، فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر"، وهذا يقتضي أن المراد الساعة التي ينقسم النهار منها إلى اثني عشر جزءًا، لكونه صدَّر الحديث بأن يوم الجمعة ثنتا عشرة ساعة، فدلّ على أن قوله في آخره:"فالتمسوهما آخر ساعة" أي: من الساعات الاثنتي عشرة المذكورة أول الحديث، إلا أن يقال: ليس المراد بالتماسها آخر ساعة أنها تستوعب آخر ساعة، بل هي لحظة لطيفة في آخر ساعة، فتُلْتَمس تلك اللحظة في تلك الساعة؛ لأنها منحصرة فيها، وليست في غيرها. انتهى كلام وليّ الدين -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١)، وهو بحث مفيدٌ، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٦/ ١٩٦٩ و ١٠٩٧ و ١٩٧١ و ١٩٧٢ و ١٩٧٣ و ١٩٧٤](٨٥٢)، و (البخاريّ) في "الجمعة"(٩٣٥)، و"الطلاق"(٥٢٩٤)، و"الدعوات"(٦٤٠٠)، و (النسائيّ) في "الجمعة"(١٤٣١ و ١٤٣٢)، وفي "عمل اليوم والليلة"(٤٦٩ و ٤٧٠)، و (ابن ماجه) في "إقامة الصلاة"(١١٣٧)، و (مالك) في "الموطّأ"(١/ ١٠٨)، و (عبد الرزّاق) في "مصنّفه"(٥٥٧١ و ٥٥٧٢)، و (أحمد) في "مسنده"(٢/ ٢٣٠ و ٢٤٤ و ٢٥٥ و ٢٨٤ و ٢٩٨)، و (الحميديّ) في "مسنده"(٩٨٦)، و (ابن خزيمة) في "صحيحه" (١٧٣٧