يَسأل العبدُ فيها ربّه شيئًا إلا آتاه اللَّه تعالى إياه، ما لم يسأل حرامًا، وفيه تقوم الساعة، ما من ملك مُقرَّب، ولا سماء، ولا أرض، ولا رياح، ولا جبال، ولا بحر، إلا هنّ يُشفقن من يوم الجمعة"، واللَّه تعالى أعلم.
(فِيهِ خُلِقَ آدَمُ) -عَلَيْهِ السَّلَامُ-؛ أي: في آخر ساعة منه، كما أخرجه مسلم في "صحيحه" من حديث أبي هُريرة -رضي اللَّه عنه- قال: أخذ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بيدي، فقال: "خلق اللَّه التربة يوم السبت، وخلق الجبال فيها يوم الأحد، وخلق الشجر فيها يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبثّ فيها الدوابّ يوم الخميس، وخلق آدم بعد العصر يوم الجمعة من آخر ساعة، من ساعات يوم الجمعة، فيما بين العصر إلى الليل" (١).
(وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ) فيه دليل على أن آدم -عَلَيْهِ السَّلَامُ- لم يُخلق في الجنّة، بل خُلق خارجها، ثم أدخل فيها.
قيل: إن خلقه، وإدخاله كانا في يوم واحد، ويَحْتَمِل أنه خلق يوم الجمعة، ثمّ أمهل إلى جمعة أخرى، فأدخل فيها الجنّة، وكذا الاحتمال في يوم الإخراج.
قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: هذا التفصيل كله يحتاج إلى دليل، واللَّه تعالى أعلم.
(وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا") قال ابن كثير -رَحِمَهُ اللَّهُ-: إن كان يومُ خلقه يومَ إخراجه، وقلنا: الأيام الستة كهذه الأيام، فقد أقام في الجنة بعض يوم من أيام الدنيا، وفيه نظر، وإن كان إخراجه في غير اليوم الذي خُلق فيه، وقلنا: إن كل يوم بألف سنة، كما قال ابن عباس، والضحاك، واختاره ابن جرير، فقد لبث هناك مدة طويلة. انتهى.
وقيل: كان إخراجه في اليوم الذي خُلق فيه، لكن المراد من اليوم
(١) هذا الحديث أخرجه مسلم في "صحيحه" برقم (٢٧٨٩)، وتكلّم فيه عليّ ابن المدينيّ، والبخاريّ، وجعلوه من كلام كعب الأحبار، وسمعه أبو هريرة -رضي اللَّه عنه- منه، فاشتبه على بعض الرواة، فجعلوه مرفوعًا، انظر: "تفسير ابن كثير" في "سورة البقرة" (١/ ٧٢).