للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الإطلاق الثاني؛ أي: ما مقداره كألف سنة، فيكون مكثه فيها زمانًا طويلًا (١).

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: مثل هذا الخلاف مما لا فائدة فيه، حيث لم يَسْتَنِد إلى نصّ صحيح، فلا ينبغي الاشتغال به، واللَّه تعالى أعلم.

[تنبيه]: قيل: هذه القضايا ليست لذكر فضيلة يوم الجمعة؛ لأن إخراج آدم، وقيام الساعة، لا يُعَدّان فضيلةً، وإنما هو لبيان ما وقع فيه من الأمور العظام.

وقيل: بل جميعها فضائل، وخروج آدم -عَلَيْهِ السَّلَامُ- ليس طردًا، كخروج إبليس، وإنما كان خروجه منها مسافرًا لقضاء أوطار، من وجود الذرّيّة الطيبة، من الرسل، والأنبياء، والصالحين، والعود إلى تلك الدار، وموته سبب لنيل ما أُعدّ له، ولذرّيّته الصالحين، من الكرامات، وقيام الساعة أعظم سبب لظهور رحمة اللَّه تعالى، وإنجاز وعده لعباده الصالحين وتعجيل جزائهم.

وقال القرطبيُّ: كون يوم الجمعة أفضل الأيام لا يرجع ذلك إلى عين اليوم؛ لأن الأيام متساوية في أنفسها (٢)، وإنما يَفضُلُ بعضُها بعضًا بما يُخَصّ به من أمر زائد على نفسه، ويوم الجمعة قد خُصّ من جنس العبادات بهذه الصلاة المعهودة التي يجتمع لها الناس، وتتفق هممهم، ودواعيهم، ودعواتهم فيها، ويكون حالهم فيها كحالهم يوم عرفة، ليُستجاب لبعضهم في بعضهم، ويُغفر لبعضهم ببعض، ولذلك قال النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الجمعة حج المساكين" (٣)؛ أي: يحصل لهم فيها ما يحصل لأهل عرفة، ثم إن الملائكة يَشهدونهم، ويكتبون ثوابهم، ولذلك سُمي هذا اليومُ اليومَ المشهودَ، ثم يحصل لقلوب العارفين من الألطاف، والزيادات حسبما يدركونه من ذلك، ولذلك سُمي يوم


(١) راجع: "المرعاة" ٤/ ٤٢٢ - ٤٢٣.
(٢) هذا الكلام من القرطبيّ فيه نظر لا يخفى؛ لأن ظاهر النصّ يدلّ على أن فضله في نفسه، وذلك بتفضيل من اللَّه تعالى، ولكون فضله في نفسه حصلت فيه هذه الأمور العظام، فتبصّر، واللَّه تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
(٣) حديث ضعيف، أخرجه ابن زنجويه في "ترغيبه"، والقضاعيّ من حديث ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما-، راجع: "ضعيف الجامع" للشيخ الألبانيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (ص ٣٩٤).